بعد منع مصر وحفتر حركة “قافلة الصمود” : تنسيقية القافلة تقرر عودتها إلى تونس…

لوبوان تي ان :
أعلنت تنسيقية العمل المشترك لأجل فلسطين المشرفة على قافلة الصمود لكسر الحصار على قطاع غزة قرارها بالتراجع عن إكمال مسيرة القافلة بعد إصرار قوات خليفة حفتر المسيطرة على شرق ليبيا على منع القافلة من عبور سرت بسبب ما قالت أنه تعذر الحصول على الموافقة الأمنية لعبور أراضي ليبيا باتجاه مصر. وتطالب التنسيقية سلطة حفتر بالإفراج عن ستة من أعضائها اللذين احتجزتهم ميليشيا حفتر.
ويرتبط حفتر بعلاقات قوية مع كل من نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ودولة الإمارات العربية المتحدة ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) التي كانت تحتضنه عندما استقدمته من تشاد إلى واشنطن في عام 1987 والعمل في جبهة الانقاذ الليبية التي تدعمها الـ سي آي إي.
وكانت السلطات المصرية قد اتخذت هي الآخرى قرارا بمنع وصول القافلة واعتقال وترحيل المئات من المتضامنين مع الشعب الفلسطيني الذين قدموا إلى مصر جوا للمشاركة في القافلة، حيث قامت سلطات الأمن المصرية يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين باحتجاز والتحقيق مع المئات من المتضامنين العديد منهم من الفرنسيين والكنديين والجزائريين. وذكرت المحامية المصرية في مجال حقوق الإنسان راجية عمران أنه تم ترك بعض المحتجزين عالقين في المطار لساعات دون ماء أو طعام وتم ترحيل نحو 400 منهم كما تم إلغاء رحلتين جويتين كاملتين وإعادتهما.
وبحسب موقع “مدى مصر”، فقد تم ترحيل 40 مواطنًا جزائريًا صباح الأربعاء الماضي بعد احتجازهم لمدة 24 ساعة لدى وصولهم إلى مطار القاهرة لمنعهم من المشاركة في المسيرة. وقال نشطاء إن أكثر من 10 أعضاء من الوفد المغربي تم منعهم من الدخول وإعادتهم من المطار، إلى جانب مجموعة أخرى من الجزائريين والمغاربة، بينهم ثلاثة محامين احتُجزوا لأكثر من 13 ساعة قبل ترحيلهم على متن طائرة عائدة. كما تم احتجاز وترحيل عدة مواطنين أتراك من فندقهم في القاهرة.
وكان وزير الخارجية الصهيوني كاتس قد أعرب عن أمله أن تمنع السلطات المصرية القافلة من الذهاب إلى رفح. كما وصف وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، المشاركين في القافلتين بأنهم “محتجون جهاديون”، ودعا الحكومة المصرية إلى “منع وصول المتظاهرين الجهاديين إلى الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة، وعدم السماح لهم بتنفيذ استفزازات أو محاولة دخول غزة”. وأضاف: “هذا سيعرض أمن الجنود الإسرائيليين للخطر، ونحن لن نسمح بذلك”. وهدد بأنه إذا فشلت القاهرة في وقف المسيرة، فإن الجيش الإسرائيلي سيتولى الأمر.
وقال بعض المرحلين لدى عودتهم إلى فرنسا، إن أجهزة الأمن المصرية عرضت عليهم طعامًا يحتوي على مسامير وبراغي. هؤلاء هم جزء من نحو 4,000 شخص من أكثر من 80 دولة، خططوا للسفر إلى القاهرة، ثم التوجه بالحافلات إلى مدينة العريش في شمال سيناء يوم 12 يونيو -جوان – ومن هناك السير على الأقدام لمسافة 50 كيلومترًا — وهي رحلة تستغرق ثلاثة أيام — حتى الوصول إلى معبر رفح الحدودي المؤدي إلى غزة، مع التخييم ليلًا.
إن العداء الصريح الذي أبدته السلطات المصرية تجاه قافلة المساعدات يؤكد أن النظام المصري يتصرف كحارس حدود لكيان العدوان الصهيوني على بوابة غزة، لكن الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون تمضي قدمًا تحت غطاء الحماية من الغضب الشعبي الذي يوفره لـ”إسرائيل” النظام العربي الرسمي.
وعلى عكس احتجاز قوات العدوان الصهيوني السفينة الخيرية مادلين التي كانت ترفع العلم البريطاني واعتقال طاقمها المكون من 12 شخصًا، بينهم الناشطة البيئية غريتا ثونبرغ، كانت هذه المبادرة الجديدة تشهد مشاركة آلاف الأشخاص. يخططون للوصول إلى معبر رفح بحلول 19 جوان وإقامة مخيم احتجاجي عند الحدود المصرية بالتنسيق مع منظمات غير حكومية. لا ينوون دخول غزة، بل يعتزمون تسليم المساعدات و300 خيمة للفلسطينيين عند الحدود. ويهدف المنظمون إلى المطالبة بإنهاء الحرب على غزة، والسماح بدخول شاحنات الإغاثة العالقة خارج القطاع، والضغط على حكوماتهم لقطع العلاقات مع إسرائيل وفرض عقوبات على كيان العدوان الصهيوني الذي يواصل ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة إلى جانب استخدام سلاح التجويع إلى الحد الذي وصفت الأمم المتحدى قطاع غزة بأنه “أكثر الأماكن جوعًا على وجه الأرض”، حيث يواجه ما يقارب نصف مليون شخص سوء تغذية حاد، والجوع، والمرض، والموت. وقد دُمّرت مدينة رفح، التي كانت تضم نحو 250,000 فلسطيني، بالكامل، إلى جانب جباليا وبيت لاهيا. كما تم تهجير حوالي 90٪ من سكان غزة، ويعيش الغالبية العظمى منهم في خيام مؤقتة.
من بين المشاركين في حملة قافلة الصمود، مانديلا مانديلا، زعيم قبيلة مجلس مفيزو التقليدي في جنوب أفريقيا وحفيد نيلسون مانديلا، والدكتور هشام الغاوي، الذي شارك في ثلاث بعثات طبية إلى غزة منذ بداية الحرب، ومانويل باتيال، أحد ثلاثة مشاركين إسبان كانوا على متن سفينة مرمرة عام 2010 عندما هاجمتها القوات الإسرائيلية وقتلت عشرة نشطاء.
كما يشارك في المسيرة العالمية إلى غزة أكثر من 1500 شخص من الجزائر، مصر، ليبيا، موريتانيا، المغرب، وتونس، في “قافلة الأرض الشعبية”، “الصمود”. انطلقت القافلة، التي تضم أكثر من 100 مركبة محمّلة بالمساعدات، من العاصمة التونسية يوم الإثنين الماضي، مرورًا بالجزائر وليبيا، بهدف الوصول إلى مصر بحلول يوم الجمعة المقبل. وتضم القافلة نقابيين وساسة، ونشطاء في مجال حقوق الإنسان، ورياضيين، ومحامين، وأطباء، وصحفيين، وأعضاء في منظمات شبابية.
في مدينة سرت الليبية، تم توقيف القافلة من قبل سلطة حفتر، بطلب من النظام المصري الذي أكد أن أيًا من المشاركين لن يُسمح له بعبور الحدود إلى غزة “لأسباب تتعلق بالسيادة والأمن”. ولطالما كان الدخول إلى شمال سيناء مقيدًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى حملة عسكرية مستمرة ضد جماعات إسلامية مسلحة. ولكن منذ العدوان الصهيوني الإبادي على غزة، سمحت القاهرة فقط لتظاهرة نظمتها أجهزة الأمن المصرية وأنصار بالوصول إلى معبر رفح ورفع لافتات ترفض تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء.
وقد سعت شخصيات موالية للنظام المصري تشويه سمعة هذه القوافل، ووصْفها بأنها “حيلة لإحراج مصر”، ملمّحين إلى صلات مزعومة بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في البلاد.
وتأتي تصرفات الرئيس عبد الفتاح السيسي – الذي وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ذات مرة بأنه “ديكتاتوره المفضل” – في سياق الدور المصري طويل الأمد، منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد عام 1979، كشريك مباشر مع كيان الاحتلال الصهيوني في العمل ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وفي مقابل قيامه بدور حارس الحدود وشرطي إقليمي، تتلقى مصر ثاني أكبر حصة من المساعدات العسكرية الأميركية في العالم بعد كيان الاحتلال الصهيوني. وطوال الأشهر العشرين من العدوان الصهيوني الإجرامي على غزة يواصل النظام المصري مشاركة كيان العدوان الصهيوني في إغلاق معبر رفح ومنع إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية التي تتكدس بالآلاف أمام المعبر وقد فسد معظم حمولتها.
واشنطن-محمد دلبح-