أحداث

تصريح الغنوشي بالتخلي عن الشاهد “بالون” اختبار للتاكيد انه يمسك بخيوط المشهد….

لوبوان تي ﺁن꞉

لازال تصريح الغنوشي الأخير والمتعلق بإقالة الشاهد وتغيير الحكومة يثير جدلا كبيرا حول خلفياته واسراره فالبعض يعتبر ان الشاهد خسر كل معاركه وانه طالته لعنة الباجي وبدا يضع قراءته للتحالفات القادمة فيما اطلق بقية المحللين العنان “لكاستينغ سياسي” ووضعوا أسماءا لمرشحي القصبة والحال وان الامر لا يعدو ان يكون سوى “دعابة سياسية” من الغنوشي يوجه من خلالها رسالة الى مساعديه وقواعده بعد حرب الملفات المسعورة انه الوحيد المتحكم في اللعبة السياسية وبان “مونبليزير” هي مركز الثقل الحقيقي  وهو ما كشف عنه الكاتب والمحلل السياسي المعروف باسم “سلامة حجازي”  في تدوينة له هذا نصها حرفيا꞉

” بمجرّد أن أطلق راشد الغنوشي بالونه الذي لمّح خلاله إلى فرضية التخلّي عن الشاهد أطلق الأغبياء من قُرّاء المشهد العنان لتحاليلهم العرجاء …فهذا يقول انتهى الأمر وخسر الشاهد كل معاركه……والآخر يزغرد طربا بالأمر وكأنه هو من سيخلف الشاهد في القصبة” وهكذا ارتفعت نسبة الحمق في تركيبة دم بعض ساستنا وبعض من ينتحلون صفة المحللين للمشهد السياسي في تونس…فهل حقّا سيفعلها الغنوشي ويترك الشاهد لمصيره؟؟ أم أن الأمر ليس أكثر من بالون اختبار أطلقه الغنوشي لخفض حدّة التوتّر التي بدأت تتسرب إلى بعض مساعديه …أم هي فقط مزحة أراد الغنوشي من خلالها التأكيد بطريقة مباشرة أنه هو من يمسك بخيوط المشهد …فالغنوشي يدرك جيدا أن الأمر ليس بالبساطة التي يتصوّرها البعض، وليس بالسذاجة التي يطالب بها بعض الأغبياء ممن يعتبرون أنفسهم زعماء أتباعهم وقواعدهم، فمن يخرج على الناس ليطالب اليوم أتباعه بإسقاط الحكومة هو كمن يرفض رفضا قطعيا الديمقراطية التي يفاخر بأنه أحد أهمّ المناضلين من أجلها…فالتخلّي عن الحكومة الحالية سيكون كمن يسقط سقف بيته على عائلته…فتشكيل حكومة كفاءات كما يدّعي البعض أو حكومة انتخابات كما يطالب بها البعض الآخر، لا يكون قبل ثمانية أشهر من أهمّ موعد انتخابي في العشرية الأولى لما بعد يوم الخديعة وأقصد الرابع عشر من جانفي 2011…فتشكيل حكومة كفاءات يجب أن يكون متفقا عليه من الجميع ويجب أن يدرس جيدا قبل الذهاب به إلى مجلس النواب…ووجب قبل ذلك استقالة الحكومة الحالية …وكل هذه النقاط لا يمكن أن تجتمع لتلبي رغبات بعض الحمقى من ساسة البلد…والغنوشي يعي جيدا أن ترك الشاهد لمصيره هو تلبية ضمنية لرغبة رئيس الجمهورية وهذا الأمر قد لا يفيد النهضة في شيء لأن رئيس الجمهورية قد يستثمر الأمر لصالحه، وقد ينقلب رسميا على النهضة لغايات انتخابية رغم علمه المسبق أنه خرج من كل حسابات المستقبل السياسي للبلاد…فقيادات النداء لن تغفر للنهضة أبدا دعمها للشاهد وتغيير وجهة التآلف البرلماني والحكومي من البحيرة وقرطاج إلى مونبليزير وساكن القصبة وقد يتحالفون مع الشيطان لتلقين النهضة درسا لن تنساه…لكن لسائل أن يسأل لماذا أخرج الغنوشي بالونه في هذا الوقت؟؟ هنا وجب قراءة المشهد منذ سنة 2014 لمعرفة خفايا ما يريده الغنوشي من خلال ما أدلى به أخيرا…فالغنوشي أراد أولا تنبيه الشاهد من بعض من هم حوله من الذين انساقوا وراء تخاريفهم وتصريحاتهم التي تؤكّد محدودية استيعابهم لطبيعة المرحلة التي تمرّ بها البلاد سياسيا، فأن يخرج أحد النواب “اليوسفيين” نسبة إلى يوسف الشاهد للإعلام ليقول نحن نطمح لتحقيق 109 مقعدا بالمجلس النيابي القادم، فهذا يعني عند بعض قيادات النهضة أنهم يريدون الحكم بمفردهم والله أعلم ماذا يخفون للنهضة لو نجحوا في ذلك الأمر رغم علم الجميع باستحالة ذلك الأمر انتخابيا…وثانيا، أراد أن يقول في رسالة موجّهة لمنتقدي الشاهد أنه ليس في شراكة دائمة أو تحالف مع الشاهد كما يدّعي البعض، وأنهم فقط في تآلف أملته ظروف المشهد النيابي تحت قبّة باردو وأملته الوضعية المعقّدة والمزرية التي أصبح عليها الحليف الرسمي للنهضة ويعني نداء تونس…فالشاهد في شخصه لا يمكن له التحالف مع النهضة لأنه لا يمثل اليوم حزبا وليس منتميا لأي مكوّن سياسي بعد أن وقع تجميد عضويته من حزبه الذي أصبح أقرب إلى “آلة تبريد” منه إلى حزب سياسي فكل من يفكّرون في طرده من الحزب يكتب على أسفل رقبته “يحفظ في مكان بارد قبل طرده”…وثالثا أراد الغنوشي بما أتاه أن يرسل رسالة إلى أتباعه وقواعده ومن غادروه في انتخابات ماي الماضي، بأن عودوا إلينا فنحن اليوم من يتحكّم في أوراق اللعبة والمشهد… فالغنوشي يدرك خطورة تغيير الحكومة في الوقت الحالي على حركته …فأي حكومة كفاءات أو حكومة انتخابات كما يسميها بعضهم سيقع دعوتها من الجميع لكنس شامل لكل الخطط الوظيفية والمسؤوليات العليا بالبلاد بهدف تكريس مبدأ حياد الإدارة وهذا لن يكون في صالح الغنوشي وحركته التي زرعت رجالاتها في مفاصل الدولة ولم ينجح أي رئيس حكومة في إبعادهم عن مواقعهم في ظلّ الشراكة الكاملة للنهضة في الحكم منذ 2014 …أما رابعا، فالغنوشي يدرك أنه سيخدم الشاهد أكثر لو أخرجه اليوم من المشهد فالشاهد لن يتحمّل ولو نسبيا تبعات أي فشل أو انحدار كامل لجميع المؤشرات في ما تبقى من عهدة حتى موعد الانتخابات وسيقع تحميل النهضة تبعات ذلك لأنها هي من بحث عن حكومة أخرى تخلف الشاهد…وقد يخدم ذلك بعض الأحزاب الأكثر معاداة للنهضة ويقلب المشهد القادم في غير صالح أتباع الغنوشي الذي سيجد نفسه في وضع داخلي لا يحسد عليه…وخامسا وهذا هو الأهمّ النهضة لا تبحث عن شريك مستقبلي ضعيف…ولن ترغب في الحكم بمفردها فحسب الغنوشي الحركة ليست جاهزة لذلك اليوم محليا وإقليميا فالمتغيرات الإقليمية وبقاء الأسد في سوريا والتغيير النسبي في موقف بعض البلدان الغربية من الإسلام السياسي كلها عوامل لا تصبّ في صالح حكم الحركة بمفردها…لذلك عليها أن تنتظر عشرية أخرى لتصبح في مأمن من صدمات واقع الحكم الذي أصابها في مقتل حين حكمت سنة 2012…فالغنوشي يدرك حالة الوهن التي عليها شريكه السابق نداء تونس….كما أنه على بينة أن الشاهد قد يكون البديل للنداء لو نجح في الاستعانة بأهل الخبرة والكفاءة…وقد ينجح في أن يكون الرقم الصعب لو عوّل على بعض الشخصيات التي أصبحت اليوم قبلة العديد من الأحزاب بعد الفشل الكبير في إيجاد بدائل لما كانت عليه البلاد قبل 2011…فالشاهد قد لا يسقط في الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه رئيس الجمهورية حين أصرّ على عدم التعويل على رجالات بن علي خوفا منهم على صورته فالباجي وعوض أن يحضنهم في نداء تونس أغلق أمامهم كل الأبواب..والشاهد أدرك ذلك الأمر وطالب مجموعته بوجوب الاهتمام بكفاءات العهد السابق ورعايتهم وعدم غلق الأبواب أمامهم… فالمجتمعات الناهضة لا يمكنها الاستغناء عن العقول الفاعلة والمتميزة بنشاطاتها الفكرية… كما لا يمكنها التفريط في ثرواتها البشرية الوطنية العلمية… وهنا يكمن الحرص الشديد للشاهد ومن معه ولا أقصد جميع من معه على فتح الأبواب أمام الخبرات والكفاءات وأصحاب التميّز…فالمنطق يقول وفي مثل وضع بلادنا بعد الفوضى التي أصابتها أن نهتمّ أكثر بموروثنا السياسي والفكري فبهؤلاء فقط يمكن لنا صقل الكفاءات والخبرات والتجارب…وتنمية القدرات…والحفاظ على الشموع المضيئة…والطاقات الواعدة…واستثمارها الاستثمار الأمثل..فهل فهم هواة الصراخ ما يعنيه الغنوشي بما قاله أم هم لصراخهم الأعرج يعشقون؟؟ خلاصة القول وبعد كل ما ذكرت…هل يمكن أن يكون تصريح الغنوشي سببا في تفجير شرارة أولى للمّ شمل الإخوة الأعداء (النداء الائتلاف والمشروع والاتحاد الوطني الحر وافاق) من جديد والوقوف ضدّ فرضيته إن حاول أن يجعلها واقعا لتجد النهضة نفسها وحيدة كما لم تكن في سابق السنوات الأربع الأخيرة وتخسر كل شيء بسبب دعابة لا أحد يعلم ماذا كان الغنوشي يهدف من ورائها؟؟؟

هاجر وأسماء

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى