أحداث

الأستاذ عبد الرحمان جبنوني : رد جمعية القضاة يشتم منه رائحة الاصطفاف السياسي

لوبوان تي أن

على اثر البيان الذي أصدرته جمعية القضاة التونسيين والذي استنكرت ضمنه الحملة الممنهجة التي تهدف إلى تعطيل سير المحاكمة وتضرب مسار العدالة الانتقالية واسقاط التتبعات على مرتكبي الانتهاكات اعتبر الأستاذ عبد الرحمان جبنوني-احد أعضاء لجنة الدفاع عن احمد فريعة – أن ردود البيان متشنجة وانه ماكان للجمعية أن تقحم نفسها في هكذا جدال  يجعل القضاة يصطفون وراء جهة سياسية ضد أخرى وهو مايتعارض مع مبدأ حياد القاضي وهذا نص تدوينته حرفيا ꞉

أصدرت جمعية القضاة التونسيين بيانا إنتصرت فيه لمسار العدالة الانتقالية و هاجمت فيه هجوما كاسحا منتقدي هذا المسار و اعتبرت ان انتقاد المسار لا يعدو ان يكون “مناورة لإسقاط التتبعات على مرتكبي الانتهاكات”. هذا البيان يستدعي الملحوظات التالية:
* ان الجمعية ممثلة لشريحة واسعة من القضاة و لا يخفى عليها ان الجدل القائم حول مسار العدالة الانتقالية و آلياتها هو في جانب كبير منه جدل سياسي و انه ما كان للجمعية بصفتها تلك ان تحشر نفسها في هكذا جدال يجعل القضاة يصطفون وراء جهة سياسية ضد أخرى بما يتعارض و مبدأ حياد القاضي
* أنه كان من الأجدر على الجمعية التعاطي مع النقود القانونية لمسار العدالة الانتقالية و التي اكتفت الجمعية برد متشنج عليها..
* ان القول بان المحاكمات الجارية في اطار العدالة الانتقالية تجد مرجعيتها في معايير المحاكمة العادلة حسب ما جاء بها الدستور و المواثيق الدولية هو قول لا يصمد امام الحجة القانونية:
_ فجُلّ القضايا التي احالتها هيئة الحقيقة و الكرامة على الدوائر المتخصصة قد تم بعد انتهاء مهام تلك الهيئة بموجب قرار تشريعي. و بالتالي فهي إحالات صادرة عن من ليس له صفة. و لا يخفى ان اول شروط المحاكمة العادلة ان يكون تعهد المحاكم من طرف جهات له صلوحية و سلطة الإحالة.
_ لا يخفى كذلك على الجمعية و خلافا لما جاء ببيانها ان المحاكمات امام هذه الدوائر المتخصصة بالعدالة الانتقالية تفتقر لأدنى شروط العدالة الانتقالية. فهذه الدوائر تتعهد بموجب قرار “اداري” صادر عن الهيئة. و لا يسبق تعهدها اي عمل من اعمال التحقيق و الاستقراء.. فلا حاكم تحقيق يبحث و لا دائرة اتهام تراقب اعمال التحقيق. و معلوم قانونا ان طور التحقيق هو جزء من المحاكمة و ان “نسف” هذا الجزء الهام في المحاكمة يجعلها بالضرورة محاكمة اعتباطية
_ ان الدستور و كل المواثيق الدولية قد نصت على مبدإ جوهري هو مبدأ المحاكمة على درجتين و هو في الحقيقة حق للمتهم في الطعن في ما يصدر ضده من احكام. هذا المبدأ تم ببساطة إلغاؤه اذ تتم المحاكمة على درجة واحدة و تصدر الدوائر المتخصصة أحكامها دون امكانية الطعن فيها.
_ ان هذه الاجراءات الاستثنائية جعلت من الدوائر المتخصصة محاكم اسثنائية و بالتالي غير دستورية بإعتبار ان الدستور قد حجر اللجوء للمحاكم الاستثنائية
* ان كل المشمولين اليوم بمحاكمات العادلة الانتقالية قد سبق مثولهم امام المحاكم و صدرت ضدهم احكام بالادانة او البراءة و ترد الجمعية انه لا يمكن التمسك بإتصال القضاء عملا بأحكام الفصل 148 من الدستور و كذلك ميثاق روما الذي أجاز امكانية استبعاد مبدإ اتصال القضاء اذا ما ثبت ان المحاكمات السابقة كانت الغاية منها جعل المتهم يتفصى من مسؤولية افعاله. و تقول الجمعية صراحة ان القضاء العسكري لم تتوفر فيه شروط المحاكمة العادلة و هو موقف لا يخلو من خطورة.. فالقضاء العسكري منصوص عليه بالدستور و هو قضاء خاص و ليس قضاء استثنائيا.. ثم ان دوائر القضاء العسكري يرأسها قضاة من القضاء العدلي اي من منظورين مفترضين للجمعية. و بالتالي فالجمعية بهكذا موقف تجرّح في منظوريها و هي التي أكرمت العديد منهم.
_ انه و من الوجهة القانونية و بالنظر لإجراءات القضاء العسكري و إجراءات الدوائر المختصة فان القضاء العسكري يبدو اقرب لمعايير المحاكمة العادلة من الدوائر المتخصصة.
_ ان تجريح الجمعية تجاوز القضاء العسكري ليطال القضاء العدلي العادي متناسية ان قضاة الدوائر المتخصصة هم في ذات الحين قضاة من القضاء العادي و معلوم ان المشروع الاول لقانون العدالة الانتقالية الذي عرضته الحكومة على المجلس التأسيسي كان يقضي بتعهيد دوائر القضاء العادي بملفات العدالة الانتقالية الا ان المجلس التأسيسي رفض هذا التمشي و قرر احداث هذه الدوائر المتخصصة لعدم ثقته في القضاء العادي.. فهل ان الجمعية، ممثلة القضاة، فاقدة للثقة في السادة قضاة القضاء العادي؟؟؟

هاجر وأسماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى