الشرق الأوسطدوليعربيعربي ودولي

ازدواجية الموقف التركي إزاء العدوان الصهيوني على غزة:زيادة العلاقات الاقتصادية والمبادلات التجارية مع تل أبيب وتصريحات كلامية ضدها

لوبوان تي ان :

في وقت تتزايد فيه المخاوف من اتّساع نطاق العدوان الذي يشنه كيان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة الذي دخل شهره الرابع، بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يوم الجمعة، جولة جديدة في المنطقة استهلها من تركيا وتشمل إلى جانب الكيان الصهيوني خمس دول عربية تقيم علاقات كاملة مع تل أبيب وهي مصر، الأردن، السعودية، الإمارات وقطر ويضاف لها سلطة الحكمالذاتي الفلسطيني في رام الله.

وجولة بلينكن في المنطقة هي الرابعة منذ شن الكيان الصهيوني عدوانه على غزة يوم الثامن من أكتوبر الماضي، وسيلتقي بلينكن يوم السبت في اسطنبول مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان والرئيس رجب طيب أردوغان.

وكان فيدان عشية زيارة بلينكن أطلق مواقف في أكثر من اتجاه في لقاء مع صحفيين أتراك يوم الأربعاء الماضي قائلا إن بلاده «فعلت ما في وسعها» من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنه كان عليها أن «تتّخذ مواقف حادّة من الحرب، لأن الرئيس فيها منتخَب من الشعب، وعليه أن يراعي مشاعره.

وانتقد فيدان موقف الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين قائلا إن ;الدعم غير المشروط من الولايات المتحدةأو بعض الدول الغربية لإسرائيل يمثل مشكلة خطيرة في معادلة تقاتل فيها الولايات المتحدة نيابة عن إسرائيل، سترغب دول المنطقة في تطوير قوة مضادة . أعتقد أن أولئك الذين لا يريدون أن يحدث هذا النوع من المذابح في غزة مرة أخرى قد يبدأون في البحث عن إعادة التسلح والسلطة.

وحول هذه المسألة، قال فيدان: الآن النشاط في البحر الأحمر، وخاصة على طرق التجارة … جهودأميركا لتشكيل تحالف مع الغرب على أساس أننا ;نريد السيطرة على هذا; … … قضية التحالف البحري وإطلاق عملية مشتركة لهذا الغرض… وهذه هي بالضبط مسألة التصعيد، أي التوسع الإقليمي، التياسترعينا الانتباه إليها.  إن مسألة التوسع الإقليمي هذه، ووقف الحرب، تشكل خطرا كبيرا . وتابع: وتخشىأنقرة من أن تنجر إلى مثل هذه الحرب ضد إيران، الأمر الذي من شأنه أن يقوض مصالحها.

وتشترك تركيا وإيران في حدود طويلة ظلت دون تغيير منذ ما يقرب من أربعة قرون.  كما أن تركيا هيموطن لعدد من القواعد العسكرية الأميركية وحلف شمال الأطلسي (ناتو) ، بما في ذلك قاعدة إنجرليكالجوية في أضنة وقاعدة رادار كورجيك في ملاطية، و في حالة نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران، يمكن أن تصبح هذه القواعد نقاط اشتعال.

ويلعب الموضوع الكردي في تركيا دورا في موقف تركيا المهادن والتابع للولايات المتحدة حيث تخشى تسعى الحكومة التركية إلى عدم استعداء الولايات المتحدة من أجل أن توقف الولايات المتحدة دعمها للأكراد الذين يسعون إلى الحصول على دولة خاصة بهم.

ويجدر الإشارة إلى أن السلطات التركية أعلنت بعد وقت قصير من اغتيال الكيان الصهيوني الشهيد صالحالعاروري في بيروت عن اعتقال 34 شخصا في تركيا يوم الثلاثاء بتهمة القيام بأنشطة;تجسس دولية لصالح جهاز الموساد، الإسرائيلي.

وفي أوائل ديسمبر الماضي قال مسؤولون في المخابرات التركية لم تذكر أسماؤهم لوكالة رويترز ووكالة الأناضول إنهم لن يتسامحوا مع استهداف الموساد لقادة حماس فيتركيا.

ويذكر أن حكومة أردوغان قبل السابع من أكتوبر الماضي الذي شهد بدء عملية طوفان الأقصى، أعادت تطبيع علاقاتها مع حكومة نتنياهو من أجل استغلال احتياطيات النفط والغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط. وتخشى حكومة أردوغان من أن تؤدي الإبادة الجماعية في غزة إلى تعطيل خطط الاستيلاء على هذه الموارد الفلسطينية وتقاسمها. وهذه المخاوف هي أساس دعوات الحكومة التركية لضبط النفس ومبادرات الوساطة والتحذيرات من الدعم المستمر للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي للمجازرالإسرائيلية منذ 7 أكتوبر الماضي.

غير أن تصريحات فيدان تكشف عن معضلة ونفاق الحكومة التركية، التي لها علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو وكيان العدوان الصهيوني وتدافع عن مصالحها في السياسة الخارجية من خلال الناتو منذ عقود. ففي أواخر ديسمبر الماضي، خلال الإبادة الجماعية التي تنفذها تل أبيب في غزة بدعم من حلف شمال الأطلسي، أرسلت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي، بتأييد من أردوغان، طلب السويد للحصول على عضوية الناتو إلى البرلمان للموافقة عليه.  كما تحافظ أنقرة على تجارة تركيا الحيوية مع الكيان الصهيوني، بما في ذلك الصلب والوقود، وترفض فرض أي عقوبات.

ويتهم كتاب ومعلقون أتراك حكومة أردوغان بالازدواجية في التعامل مع الكيان الصهيوني؛ إذ إنه مع انتهاءالعام الماضي، ظهرت الإحصائيات حول تصاعُد حجم التجارة بين تركيا والكيان، وصولاً إلى الشهر الأخير منه، وذلك على رغم كلّ الخطابات المعادية للكيان في هذه الفترة من قِبَل «العدالة والتنمية». ووفقا لبيانات وزارة التجارة التركية، ارتفعت الصادرات إلى الكيان، التي بلغ مجموعها 319.5 مليون دولار في نوفمبر، بنسبة 35 في المئة إلى 430.6 مليون دولار في ديسمبر. هذا الرقم أعلى من الصادرات البالغة 408.3 مليون دولار في يوليو. ومع ذلك، قال وزير التجارة التركي عمر بولات في منتصف ديسمبر إن ;التجارة الخارجية لتركيا مع إسرائيل انخفضت بنسبة 48 في المائة منذ أكتوبر. وبرزت في رأس قائمةالصادرات التركية التي ارتفع حجمها، منتجات الحديد والصلب والمواد الغذائية. وفيما انتقدت صحيفة «قرار» المعارضة هذا الارتفاع، قال الكاتب إبراهيم قهوجي إن «النجاح» هنا في أنه على رغم المواقف المرتفعة السقف ضدّ إسرائيل، ترتفع في المقابل صادرات تركيا إليها مضيفاً أن «مهرجان غلطة سراي يبدو كما لو أنه احتفال بزيادة الصادرات التركية إلى إسرائيل». وتساءل: «في وقت كان فيه بلال إردوغان

يدعو إلى مقاطعة التجارة مع إسرائيل، لا أحد يعرف لماذا لا يوجّه هذا النداء إلى حكومة أبيه..

محمد دلبح -واشنطن –

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى