أحداث

عدنان منصر: لماذا يصر رئيسنا الحريص على صلاحياته على ترك أعظم هذه الصلاحيات تذروها الرياح؟

لوبوان تي آن:

استنكر عدنان منصر رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب، والمستشار الرئاسي السابق للرئيس منصف المرزوقي تجاهل رئيس الجمهورية، قيس سعيد، الإحتفال بذكرى الإستقلال
وتساءل لماذا يصر رئيسنا الحريص جدا على صلاحياته أن يترك أعظم هذه الصلاحيات تذروها الرياح، وكأنه ضجر بها: وفيما يلي نص التدوينة التي تحمل عنوان “رئيس للمعارك الصغيرة”:

هناك نصوص تلح عليك أن تكتبها، تنام بها وتفيق عليها، ولا ترتاح إلا بعد أن تضع فيها كل غضبك. القرف يجعلك تبتعد عن الكتابة، أما الغضب فهو لا يتركك إلا بعد أن تكتب وتصرخ. لكن أقبح النصوص هي ما تكتبه ثأرا لنفسك، أو غضبا لنفسك. هذا هو الغضب الصغير. الغضب الكبير أن تغضب لشيء أكبر بكثير من نفسك.
لا أستطيع أن أهضم أن رئيسنا المفدى لم يخرج من سباته بمناسبة ذكرى الاستقلال، مثلما كان الأمر في نفس الذكرى منذ عام. رئيسنا تتوافق ظروفه القاهرة دائما مع أعياد الشهداء والثورة والاستقلال… لا أستطيع أن أهضم أن هذه المناسبة قد مرت وكأننا خجلون منها. لا أستطيع أن أفهم لماذا يصر رئيسنا الحريص جدا على صلاحياته أن يترك أعظم هذه الصلاحيات تذروها الرياح، وكأنه ضجر بها: أن يكون رمز وحدة الدولة واعتزاز شعبها بكل ما يجمع شتاته، أن يذكر الناس هنا، عندما ينسون، بأن كل صراعات الدنيا لا تساوي لحظة واحدة يكونون فيها معا، أن لنا مستقبلا معا رغم كل شيء، وأن لنا جذورا رغما عن كل شيء، وأن تلك الجذور عمدت بدماء كثيرة، وأن في الدماء قداسة لا تنقص منها كل نجاسات السياسة.
لكن رئيسنا المتفرغ للمناكفة والمصارعة الحرة والألفاظ المنتقاة والتلذذ بصدى صوته في أروقة القصر، لا يهتم بذلك. هو يصر على أن يكون رئيسا للسياسات الصغيرة. ربما اعتقد رئيسنا المفدى أن انتصاراته الصغيرة قادرة أن تنسينا خيباتنا الكبيرة، لكن الانتصارات تصغر يوما بعد يوم، والخيبات تتعاظم يوما بعد يوم.
إن ذكرى الإستقلال هي أيضا ذكرى للشهداء وللدماء، وإن موقع الرئيس في أي دولة هو موقع القدوة. ما حصل بتجاهل الرئيس للذكريات الوطنية (نعم، كلها منذ وصل إلى قرطاج) هو إهانة للشعور الوطني. لا أريد أن أتذكر تلك الزيارة البائسة لفرنسا، ولا الخطاب البائس الذي تردد صداه من باريس إلى تونس. أريد أن أذكر السيد الرئيس أنه لولا الاستقلال، ولولا كل المناسبات التي ترمز لوحدة وانعتاق التونسيين، لما استطاع حتى تعلم اللغة التي يرطن بها علينا اليوم بمناسبة ودون مناسبة. لا أريد أن أستطرد أكثر في ذكر الفضائل التي لا يراها، لأنه يبدو أنه لا يريد أن يراها.
هناك، حتى في أشد المعارك شراسة، لحظات يتوقف فيها الإنسان ليسأل: هل هذه معاركي؟ وإذا كانت كذلك، هل هي معارك الناس الذين استأمنوني على أمنهم وكرامتهم وجذورهم ودمائهم؟ هل أن كل المعارك متساوية؟ وهل وراء المعارك غايات أكثر من المعارك ذاتها؟ لا أدري إن كان رئيسنا المفدى يطرح مثل هذه الأسئلة، لكن ما أعرفه هو أنه يغرق يوما بعد يوم في المعارك الصغيرة. أكبر الانتصارات في المعارك الصغيرة لا تساوي انتصارا صغيرا في معركة كبيرة.
لا أدري إن كان الرئيس سيقرأ. لكنني أعلم أنه سيغضب لو قرأ. لا بل أكثر من ذلك، أتمنى أن يغضب لو قرأ ولو غضبا صغيرا… غضبا يجعله يكبر ولو قليلا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى