أحداث

رؤوف الخماسي يكتب لـ “لوبوان”، لا بد من ضوابط اخلاقية لحماية الانتقال الديمقراطي

لا يختلف المتابعون في الاشارة الى ان تونس قد نجحت الى حد الان في قطع حطوات هامة و مفصلية على درب الانتقال الديمقراطي . و لكن هذا النجاح لا يجب ان يحجب عن اعيننا مواطن الهشاشة التي تسكن هذا المسار و التي يتعين كشفها و التصدي لها اذا ما اردنا ان نكرس نظاما ديمقراطيا مستقرا و تتوفر له اسباب التاثير و الاستمرار .
واذا كان المسار الانتقالي قابلا من الناحية القانونية لمزيد الاثراء و التطوير خاصة و انه لم يقع لحد الان استكمال مسار بناء المؤسسات فان عملا كبيرا يتعين القيام به من اجل تغيير العقليات من بعض الرواسب التي قد تعيق الانتقال الديمقراطي بل قد تتحول الى اداة من ادوات كبحه و استهدافه . و حين نتحدث عن العقليات فاننا نتجه الى الثقافة السياسية السائدة و الى ما فيها من مكونات سلبية يتعين التخلي عنها . هناك نقص واضح في القدرة على التحليل و على تقديم الحلول علاوة على الرفض المتمكن في اللاوعي لكل ما هو مغاير و مختلف اضافة على البحث عن الاثارة و الميل الى استهداف المنافسين السياسيين في ذواتهم .
وقد جاءت الايام الاخيرة حافلة للاسف بوقائع تؤكد وجود هذه المكونات السلبية . فقد تعمد احد اعضاء مجلس نواب الشعب من المستقلين الاساءة الى جهة الساحل و اعتمد خطابا يقطر حقدا و كراهية و يوقظ النعرات الجهوية و هو سلوك مرفوض لان تونس لا تقبل القسمة و التجزئة و الجهوية هي افة شديدة الخطورة في مجتمع يعتز بتجانسه الديني و المذهبي و هو ما يجعلها معول هدم يتعين التفطن الى انعكاساته و ابطال مفاعيله السلبية . و هناك حادثة اخرى اراد من قام بها اعادتنا الى مربع التوتر و التشنج الذي طبع المرحلة التي سبقت انتخابات 2014 والمتمثلة في رفع شعار “ارحل” امام رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في مدينة المكنين ذات الارث النضالي المحترم .
لقد عانينا في نداء تونس من ممارسات مماثلة و لكن ذلك لم يجعلنا نقع في فخ رد الفعل لان العمل السياسي لا يقوم على رد الفعل و لان كل اساليب “قطع الطريق ” مرفوضة لان تداعياتها سلبية و خطيرة على المجتمع . الديمقراطية هي سوق حرة لتبادل الاراء و الافكار لا حدود لها الا القانون و الاخلاقيات السياسية . وفي ذات السياق يتنزل بحث بعض الاعلاميين عن الاساءة المجانية لرئيس الجمهورية البادي قائد السبسي من خلال توهم دور مفترض لقرينته في الحياة السياسية ونشر معلومات مغلوطة عم هذا الدور . و اذا كان هذا البحث ديم الجدوى لان للباجي قائد السبسي من الصلابة النفسية و من الثقة في النفس ما يجعله لا يولي اهتماما للاخبار التي لا اساس لها من الصحة فان فيها تجنيا على الحقيقة لان قرينة رئيس الجمهورية تقوم بدورها ضمن ما هو محدد بروتوكوليا و قد قدمت في المناسبات التي ظهرت فيها عند زيارة رؤساء و ملوك دول شقيقة و صديقة صورة ايجابية تشرف المراة التونسية و تساهم في الترويج الايجابي لبلادنا .
و من مظاهر التدهور الاخلاقي في الحياة السياسية افشاء احدهم لاسرار تهم حركة نداء تونس بل تعمده حشو هذه الاسرار بمعلومات كاذبة و فات هذا “العائد من جديد” و الذي يدعي انه يسعى للم الشمل ان المجالس بالامانات من ناحية و ان ترويج الاكاذيب لا يمكن ان يغطي محدودية المستوى السياسي علاوة على انه ليس من الاخلاق في شيء العمل على اقصاء الاخرين  لاخذ مكانهم دون العودة الى القواعد او الاحتكام الى مؤتمر ديمقراطي .
لقد اردنا من خلال اعتماد هذه الامثلة الاشارة الى ان تواترها في حيز زمني قصير يجب ان يحثنا جميعا على تخليق الحياة السياسية بضوابط تحميها حتى لا تكون العواقب سلبية و هذا ما لا نريده لبلادنا و لا نتمناه لشعبنا الذي يحق له ان يتمتع بحياة سياسية متطورة و محترمة
رؤوف الخماسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى