أحداث

الفساد الديمقراطية والسلطة ….

لوبوان تي آن:

عندما اندلعت قضية تضارب المصالح التي اتهم فيها رئيس الحكومة الياس الفخفاخ كنت على يقين من انها ستكون قضية تمثيلية بالمعنى القانوني حالة يمكن أن يبنى عليه تصور كامل للديمقراطية والسلطة والفساد…

وكنت أعي أيضا شدة التعقيد في القضية لأنها اتت في وضع مهتز اشتد فيه الصراع بين جماعة النهضة التي ترغب فعلا منذ مدة في تغيير حكومة الفخفاخ وبين المشاركين في الحكومة والراغبين في البقاء في السلطة اكثر من اي وقت مضى بين من جرب حلاوتها وبين من ذاقها لأول مرة تفرقت الاراء وكثر الجدل فيما كان واضحا وجليا انه تضارب مصالح صارخ لا يستحق اي تأويل ولا تعليق سوى استقالة الفخفاخ والدعوة لتشكيل حكومة جديدة…

صراع حركة النهضة وما اطلق عليه بحكومة الرئيس زاد الأمر تعقيدا وضبابية…

في الواقع ما كان للفخفاخ ان يبقى لو تمسك المدافعون عن قيم النظافة وعدم استغلال النفوذ وتضارب المصالح بمواقفهم السابقة وخاصة كل الداعين لمقاومة الفساد الذي هو مبدأ لا يتجزأ البتة لكن السلطة شيء والمبادي اشياء أخرى…

اولهم محمد عبو السيف المسلول في وجه الفساد الذي اعتبر ان تضارب المصالح ليس بفساد بل شرع له ما افقده عذريته التي نعرف في شعار رفعه ضد الفساد أصبح الفساد مع محمد عبو درجات وربما حسب الطلب وبالوجوه في المصطلح العامي…
فكان يمكن له ان يقف موقف المحايد ملتزما بشعاراته الأولى ويطالب بفتح تحقيق في الموضوع والحسم ليخرج منتصرا لانه انتصر لعقيدة الدولة ولروح مقاومة الفساد نستفيد من كل نضاله السابق في مقاومة تضارب المصالح ومصالح العايلة والفساد… لكنه خرج خاسرا في أول امتحان بين السلطة وبين الواجب الوطني…

غازي، الشواشي كان أكثر خبثا سياسيا حيث اعتبر ان قانون تضارب المصالح غير مفهوم ويوؤل حسب الطلب ليخرج من مأزق مساندة تضارب المصالح و يخرج الصراع من عمقها الأكبر اي قضية الفخفاخ لجدل قانوني عقيم قد يستغرق سنوات دون أي حل أو نتيجة… الشواشي أيضا يعي ثقل الموقع وخطورة الانزلاق…

ياسين العياري الرابح الوحيد في هذه القضية لانه اثبت للجميع انه لا يساوم مع كل قضايا الفساد مهما كان فاعليها او موقعها وانه نصرة للحق والدولة…

الخاسر الاكبر هو الياس الفخفاخ نفسه الذي فقد كل مصداقيته السياسية وثقة التونسيين خاصة وان الوضع الاجتماعي والمالي للتونسيين في أسوأ حالاته وهو يسجل أعلى الأرباح من عقود من مال الصالح العام في وقت يطلب فيه المواطن ان يضحي ويهدد بتخفيض الأجور وقطع ايام عمل للطبقات الأضعف اي صغار الموظفين و المتقاعدين…

الفساد درجات الفساد بالوجوه و السلطة الجديدة عجزت عن تاسيس شفافية وحوكمة رشيدة ترفع كل الشبهات عنها و تجعلها نقيضا لما كان ففي نظر التونسيين يستوي النظام القديم وفساد الأمس بضم الالف و فساد اليوم لأن الضحية هو الجمهورية التي أردنا تاسيسها عدلا بين جميع المواطنين ومساواة لا ضيم فيها…

فضيحة مالية تهز اركان الدولة في وقت تتصارع فيه كل الاطياف السياسية من أجل السيطرة على مواقع القرار وان كلفها كل ذلك العودة إلى دولة الفساد…

بين الفساد والديمقراطية خيط رفيع قد لن تتبينه الطبقات السياسية كلها.

الدكتور شهاب دغيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى