الشرق الأوسطعربيعربي ودولي

مشروع قرار وقف إطلاق النار الأميركي الذي أجهضه الفيتو الروسي-الصيني: استمرار لسياسة الخداع والاحتيال لحكومة بايدن

لوبوان تي ان :

حسنا فعلت روسيا والصين باستخدام حق النقض (فيتو) اليوم الجمعة ضد مشروع القرار الأميركي الذي يؤكد في صيغته عملية احتيال وخداع للعالم حيث لا يدعو إلى وقف دائم ونهائي للعدوان الصهيوني على قطاع غزة ولا انسحاب القوات الصهيونية من القطاع.

سياسة الخداع والإحتيال التي تستمر بأدائها الحكومة الأميركية هي خدمة لكيان العدوان الصهيوني لمواصلة عدوانه الأجرامي على قطاع غزة. واخر ما اكدته حكومة الرئيس جوزيف بايدن بوصفها الراعي الإمبريالي الرئيسي للإبادة الجماعية الصهيونية في غزة في هذا المجال، تقديمها إلى مجلس الأمن مشروع القرار الذي تم نقضه اليوم ووكانت أدخلت عليه قبل التصويت عليه بعض التعديلات تدعو فيه ظاهرا إلى وقف مستدام لإطلاق النار مشروطا بالإفراج عن كافة المحتجزين الاسرائيليين لدى حركة المقاومة في غزة دون اي ذكر للاسرى والمختطفين الفلسطينيين لدى كيان الاحتلال الصهيوني وهم بالآلاف وقد دعا مشروع القرار المعدل إلى “إطلاق كافة المحتجزين لدى المقاومة فورا وبدون شروط مسبقة” . وكلمة مستدام هنا لا تعني وقفا شاملاً ونهائيا للعدوان الصهيوني على غزة او انسحاب قوات العدوان من القطاع المحاصر. فمشروع القرار لا يدعو أبدأ إلى انسحاب لقوات العدوان من قطاع غزة.

وأكد ذلك وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يوم أمس حيث قال “تحدثت مع نظيري الإسرائيلي بشأن مفاوضات إطلاق سراح الرهائن ووقف مؤقت لإطلاق النار.” كما أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أعلن في حواره مع قناة “العربية” السعودية أن مشروع القرار يدعو إلى “وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن.”

ويذكر أن زيارة وزير الحرب الصهيوني تأتي في إطار التنسيق الأميركي الصهيوني بشأن أجتياح رفح الوشيك الذي تعد له حكومة نتنياهو حيث لم يصدر عن الحكومة الأميركية ما يشير إلى رفضها ذلك بل كل ما تدعو له هو تجنيب المدنيين الفلسطينيين في رفح الذين يصل عددهم إلى نحو مليون ونصف المليون وترحيلهم إلى خارج رفح  قبل شن العدوان البري، رغم ان كيان العدوان لا يزال يهاجم رفح بالقصف الجوي.

وقد أعلنت فرنسا أنها ستعمل على إعداد مشروع قرار بديل للأميركي يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة. لكن لم يعرف بعد إن كانت فرنسا ستدعو إلى وقف نهائي غير مشروط للعدوان الصهيوني على غزة.

إن السخرية من دعوة الحكومة الأميركية إلى “وقف إطلاق النار” “والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية الأساسية وتخفيف المعاناة الإنسانية” مع الاستمرار في تمويل وتسليح كيان العدوان الذي يذبح أكثر من مئة فلسطيني كل يوم وتجويع جميع سكان غزة تفوق الوصف. وتأمل حكومة بايدن أنه من خلال إعلان دعمها ل “وقف إطلاق النار” بصوت عال بما فيه الكفاية ، فإنها ستجعل سكان العالم ينسون أنها تدعم وتمكن بشكل كامل “الحل النهائي” الأميركي الإسرائيلي للقضية الفلسطينية.

والواقع يسجل أن كل إجراء كبير اتخذته حكومة العدوان الصهيوني برئاسة بنيامين نتنياهو، من التطهير العرقي في شمال غزة في أكتوبر إلى تكرار الهجوم على مستشفى الشفاء، تم تنسيقه والموافقة عليه من قبل حكومة بايدن، التي تواصل نقل الأسلحة المستخدمة لذبح سكان غزة إلى إسرائيل.

فمشروع القرار الأميركي لا يتضمن التزام الولايات المتحدة بوقف تزويد كيان العدوان الصهيوني بالأسلحة الاميركية التي تفتك بأبناء قطاع غزة والضفة الغربية المحتلةً، ولكن مشروع القرار يطلب تقييد حركة المقاومة ووصفها بالارهاب وهذا ما نص عليه مشروع القرار “حث جميع الدول الأعضاء على تكثيف جهودهم لوقف تمويل الإرهاب، وتقييد تمويل حماس وفقا للقانون الدولي.”

وخلافا للعديد من قرارات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار التي سبق أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضدها، يربط القرار الأخير صراحة وقف إطلاق النار بتحقيق الأهداف العسكرية للعدوان الصهيوني المستمر منذ نحو ستة أشهر. إذ يربط الدعوة إلى وقف إطلاق النار بمطلب إطلاق سراح المحتجزين لدى المقاومة ، قائلا: “يقرر مجلس الأمن ضرورة وقف فوري ومستدام لإطلاق النار… وتحقيقا لهذه الغاية تدعم بشكل لا لبس فيه الجهود الدبلوماسية الدولية الجارية لتأمين وقف إطلاق النار هذا فيما يتعلق بإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين”.

هذه إعادة صياغة للغة التي استخدمها بايدن في خطابه حول حالة الاتحاد قبل نحو أسبوعين والذي أعلن فيه أن “حماس يمكن أن تنهي هذا الصراع اليوم من خلال إطلاق سراح الرهائن وإلقاء السلاح وتسليم المسؤولين عن 7 أكتوبر”. في ذلك الخطاب ، قال بايدن إن الولايات المتحدة “تعمل دون توقف للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار يستمر لمدة ستة أسابيع على الأقل”.

إن ادعاء حكومة بايدن أنها تدعم “وقف إطلاق النار” في غزة تكذبه حقيقة واحدة: إذ لا تزال سياسة الحكومة الأميركية تؤكد أن لدى كيان العدوان الصهيوني تفويضا مطلقا لارتكاب أي جريمة حرب في غزة تحت عنوان “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، دون أن يؤدي ذلك إلى خفض لشحنات الأسلحة الأميركية. كما أكد بايدن أن “الدفاع عن إسرائيل لا يزال حاسما.” لذلك لا يوجد خط أحمر فيما يتعلق بتزويد الكيان بالأسلحة.

وهذا ما كانت أعلنته نائبة الناطق باسم البيت الأبيض،  أوليفيا دالتون الأسبوع الماضي ردا على سؤال عما إذا كان هناك أي شيء يمكن للكيان الصهيوني القيام به من شأنه أن يحد من التمويل الأميركي، حيث قالت “لا أعتقد أنه من المفيد تعيين مصطلحات ‘الخط الأحمر’ لمجموعة معقدة جدا من السياسات”.

وينبع نفاق حكومة بايدن بشأن الإبادة الجماعية في غزة من التناقض بين مصالح الإمبريالية الأميركية ومشاعر غالبية الشعب الأميركي وشعوب العالم التي تعارض جرائم الحرب التي ترتكبها قوات العدوان الصهيوني في غزة بدعم من الولايات المتحدة. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال كشفت شحنات الأسلحة التي قدمتها الحكومة الأميركية دون أخذ موافقة الكونغرس الأميركي عليها وتشمل “ما لا يقل عن 23 ألف سلاح موجه بدقة، بما في ذلك صواريخ هيلفاير جو-أرض، وطائرات بدون طيار، ومجموعات ذخيرة الهجوم المباشر المشترك، التي تحول القنابل غير الموجهة إلى قنابل “ذكية”، فضلا عن القنابل الخارقة للتحصينات.

لقد نشرت حكومة بايدن الأكاذيب حول كل جانب من جوانب الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات العدوان الصهيوني في غزة، ففي 18 مارس الجاري، نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا يستند إلى مقابلات مكثفة مع مسؤولين في حكومة بايدن، يكشف عن مدى كذب البيت الأبيض عن وعي لتبرير الإبادة الجماعية.

وذكر التقرير أنه بعد ثلاثة أسابيع من هجمات 7 أكتوبر الماضي (طوفان الأقصى)، قدم “كبار مسؤولي بايدن” إحاطة خاصة اعترفوا فيها بأن الكيان الصهيوني كان ينفذ غارات جوية متعمدة ضد المدنيين. وجاء في المقال أيضا أنه “في 27 أكتوبر، بعد ثلاثة أسابيع من العدوان الإسرائيلي في غزة، أخبر كبار مسؤولي بايدن بشكل خاص مجموعة صغيرة مجتمعة في البيت الأبيض ما لن يقولوه علنا: “كانت إسرائيل تقصف المباني بانتظام دون معلومات استخباراتية قوية بأنها أهداف عسكرية مشروعة”.

ومع ذلك، لم يتغير موقف حكومة بايدن منذ بداية العدوان الإجرامي على غزة حتى الآن. في كل مرة يطرح فيها هذا السؤال على مسؤول في البيت الأبيض، يؤكد البيت الأبيض أن قصف المدنيين يرقى إلى سلسلة من الحوادث المؤسفة. و على سبيل المثال، عندما سئل الناطق باسم البيت الأبيض ماثيو ميلر في ديسمبر الماضي عما إذا كان كيان العدوان الصهيوني ينفذ قصفا عشوائيا، رد بالقول “لم نتخذ قرارا رسميا بشأن هذه المسألة”.

وفي بيان لاحق، قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: “هناك نية واضحة من قبل الإسرائيليين… أنهم يفعلون كل ما في وسعهم للحد من الخسائر في صفوف المدنيين”.

كما أعطت حكومة بايدن كيان العدوان الصهيوني الضوء الأخضر في نوفمبر الماضي لمهاجمة مستشفى الشفاء بإعلانها، على حد تعبير كيربي، “لدينا معلومات تؤكد أن «حماس» تستخدم هذا المستشفى بالذات كعقدة قيادة وتحكم”. ومثل هذه التصريحات لم تكن سوى ترديد للأكاذيب الصهيونية الأمر الذي دفع عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية ميرلاند كريس فان هولين للقول إن هناك “انفصالا” بين “التصريحات العامة للحكومة والنتائج السرية” المقدمة إلى الكونغرس.

 

محمد دلبح – واشنطن –

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى