- جامعة خليفة، والاتحاد للطيران، وبوينغ، وأدنوك، وسافران، وجي إي، وباور ريسورسز يحتفلون بتحقيق إنجاز كبير في تطوير سلسلة قيمة شاملة لإنتاج وقود الطائرات المستدام
- الأبحاث تثبت إمكانية إنتاج وقود الطائرات باستخدام الأراضي الصحراوية ومياه البحر من خلال نظام زراعي مبتكر، بما يدعم خطط التنويع الاقتصادي لدولة الإمارات والتزامها إزاء الاستدامة
أبوظبي، دولة الإمارات العربية المتحدة- أعلن اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة، وهو اتحاد أبحاث غير ربحي أنشأه معهد مصدر التابع لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، اليوم عن انطلاق أول رحلة طيران تجارية في العالم يتم تشغيلها باستخدام وقود مستدام تم إنتاجه محلياً في دولة الإمارات عبر طائرة للاتحاد للطيران طراز بوينغ 787 مزودة بمحركات جنرال إلكتريك من فئة “GEnx-1B”.
وتمثل الرحلة التي انطلقت من أبوظبي إلى أمستردام إنجازاً هاماً في مسيرة تطوير وقود طائرات بديل ونظيف بيئياً بهدف تقليل الانبعاثات الكربونية. كما تهدف المبادرة إلى تعزيز الأمن الغذائي في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال تربية الأحياء المائية باعتبارها عنصراً محورياً في منظومة المشروع.
وقد تعاون الشركاء في “اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة” سوياً لإثبات صحة مفهوم المشروع وإنشاء سلسلة قيمة شاملة ترتكز على “النظام المتكامل للطاقة والزراعة بمياه البحر”. ويعد المشروع بمثابة منصة تعاونية بين صناعات متعددة تدعم قطاع الطيران وصناعة النفط والغاز والإنتاج الغذائي، إضافة إلى إيجاد بدائل زراعية جديدة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وبهذا الصدد، صرح معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة بدولة الإمارات، بالقول: “تتسق هذه الجهود مع رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات والتزامها بترسيخ مكانة الدولة كمركز عالمي للابتكار والاستدامة. وفي هذا السياق، تمثل الشراكات المثمرة بين القطاعين العام والخاص الشاملة للعديد من المجالات عاملاً محورياً للمضي قدماً بجهود البحوث والتطوير وتقديم ابتكارات من شأنها إحداث تحول جذري من أجل مستقبل أكثر استدامة”.
وأضاف: “لا ريب أن نزع الكربون من الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة سيترك تأثيرات إيجابية متتالية على صعيد الأمن الغذائي والعمل المناخي. ويمثل وقود الطائرات البديل والنظيف بيئياً أحد الحلول المبتكرة والمستدامة لتحقيق انخفاض كبير في الانبعاثات الكربونية الضارة. ونفخر بأن تكون دولة الإمارات من بين الدول الرائدة في هذا المجال.”
وقالت معالي مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة الدولة للأمن الغذائي: “يمثل إثبات صحة المفهوم والجدوى لهذا المشروع المبتكر تطوراً رائداً لمجابهة تحديات الطاقة والمياه والأمن الغذائي، وهي المحاور الثلاثة التي ترتبط سوياً بصورة وثيقة بما يعني أن التدابير المتخذة في واحد من تلك المحاور سيكون لها تأثير بدورها على المحاور الأخرى. ويتميز النظام المتكامل للطاقة والزراعة بمياه البحر بكونه مبادرة فريدة تدعم العديد من القطاعات التي تشمل الطيران والنفط والغاز والزراعة. ويعتبر هذا النظام إحدى المبادرات الهامة المتخصصة تحت مظلة استزراع الأحياء المائية، حيث تدرك دولة الإمارات أن هذا القطاع يقدم واحداً من أفضل الاستخدامات لأغلى الموارد الطبيعية بالمنطقة، ومن ثمَّ أسست قطاعها لتربية الأحياء المائية باستثمارات تزيد على 100 مليون درهم لتطوير المفارخ والمزارع السمكية”.
وتأتي الاتحاد للطيران في صدارة أبحاث الوقود الحيوي للطائرات في المنطقة ويمثل هذا المشروع المرة الأولى التي يتم فيها تشغيل رحلة طيران باستخدام الوقود المستخرج من نباتات تم زراعتها في المياه المالحة.
وبهذا الصدد، أفاد توني دوغلاس، الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتحاد للطيران، بالقول: “يعدُّ المشروع إنجازاً هاماً لدولة الإمارات العربية المتحدة وصناعاتها الرئيسية. وتلتزم الاتحاد للطيران التزاماً كاملاً إزاء هذا المشروع الذي يثبت صحة المفهوم وإمكانية إنتاج الوقود الحيوي المستدام محلياً مع ضمان قابلية الاستمرار وفعالية التكاليف”.
وأضاف: “يمثل خفض انبعاثات الكربون هدفاً هاماً على امتداد قطاع الطيران، وتفخر الاتحاد للطيران بأن تكون مع شركائها في صدارة هذه الأبحاث الجديدة الرائدة”.
وقد تم استخراج الوقود المستدام المستخدم في الرحلة من الزيوت الموجودة في نباتات الساليكورنيا، التي تم زراعتها في منشأة “النظام المتكامل للطاقة والزراعة بمياه البحر” الممتدة على مساحة هكتارين في مدينة مصدر في أبوظبي. ويعتبر “النظام المتكامل للطاقة والزراعة بمياه البحر” أول نظام في العالم يقام على أراضٍ صحراوية لإنتاج الوقود والغذاء في المياه المالحة. وتوفر الأحياء المائية، التي تشمل الروبيان والأسماك التي يتم تربيتها في أحواض مائية بالمنشأة، المواد والعناصر الغذائية إلى النباتات كما تساهم كذلك في جهود الإنتاج الغذائي بدولة الإمارات.
وقال الدكتور عارف سلطان الحمادي، نائب الرئيس التنفيذي لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “لا ريب أن هذا الإنجاز الكبير الذي حققه اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة، التابع لمعهد مصدر في جامعة خليفة، مع الشركاء يؤذن ببداية جديدة لاستخدام الوقود النظيف في النقل الجوي. وتفخر جامعة خليفة بأن تكون جزءاً من هذا الاتحاد لقيادة جهود الأبحاث والابتكار، والمساهمة في بناء سلسلة قيمة لإنتاج الوقود الحيوي المستدام، بما يدعم الأهداف الاستراتيجية لدولة الإمارات في قطاعات الطاقة والغذاء. وقد ساهم الشركاء والباحثون في معهد مصدر بصورة كبيرة في تحقيق هذا النجاح، وكلنا ثقة بأن استخدام الوقود الحيوي في هذه الرحلة التجارية سيقدم حافزاً قوياً للأطراف المعنية بقطاعات الطيران والطاقة والنقل”.
وتابع الدكتور الحمادي بالقول: “باعتباره مؤسسة بحثية رائدة في المنطقة تركز على توفير التقنيات المتطورة في مجال الطاقة النظيفة، يظل معهد مصدر التابع لجامعة خليفة ملتزماً بالمضي قدما في المهمة المنوطة به لإنتاج الوقود الحيوي والطاقة النظيفة والتقنيات المستدامة من أجل خفض الانبعاثات الكربونية، إلى جانب تطوير الأبحاث المرتبطة بالمياه والبيئة.”
ويؤدي استخدام المواد الأولية المستدامة لإنتاج الوقود إلى تقليل انبعاثات دورة حياة ثاني أكسيد الكربون بصورة كبيرة مقارنة بالوقود الأحفوري. ويتم مزج الوقود الحيوي مباشرة بوقود الطائرات، ولا يتطلب إجراء أي تعديلات على الطائرة أو المحركات أو أنظمة التزويد بالوقود في المطارات. كما تساهم هذه المبادرة الفريدة كذلك في تعزيز صناعة النفط والغاز عبر استخدام البنية التحتية القائمة لأنشطة التكرير، مع إمكانية التحول إلى خيار جديد هام لوقود الطائرات المستدام في المستقبل.
وقامت “أدنوك للتكرير” بدور محوري في المشروع، عبر توفير الخبرات والبنية التحتية اللازمة لضمان التكرير الفعال للزيوت المستخرجة من بذور النباتات من أجل الوفاء بالمعايير الصارمة لوقود الطائرات. كما تولت “أدنوك للتوزيع” كذلك عنصراً محورياً من المشروع من خلال القيام بمزج وتوصيل الوقود الحيوي إلى الطائرات.
كما تم استخدام تقنية إنتاج الوقود الصديق للبيئة ” Ecofining” التي تطورها “يو أو بي- هانويل” (أحد الأعضاء المؤسسين لاتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة) في عملية تكرير الزيوت في إطار المشروع، الذي شهد كذلك الإشادة بشركة أبوظبي للزيوت النباتية (أدفوك) للمساهمات الرئيسية التي قدمتها في مراحل ما قبل المعالجة.
وتعليقاً على المشروع، أفاد جاسم الصايغ، الرئيس التنفيذي لشركة أدنوك للتكرير، بالقول: “يحدونا الفخر بالدور الذي تقوم به أدنوك للتكرير في هذه الأبحاث في إطار المشروع التجريبي لاتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة. ويمثل الإنجاز المتحقق اليوم خطوة كبرى إلى الأمام في الرحلة نحو إيجاد حل نهائي للوقود الحيوي للطائرات وتطبيقه على نطاق تجاري”.
وقد تم تشغيل ما يقرب من 160,000 رحلة مسافرين باستخدام مزيج من وقود الطائرات التقليدي والمستدام منذ اعتماد الوقود الحيوي للاستخدام التجاري لأول مرة في عام 2011. ويمثل وقود الطائرات المستدام فرصة هامة لمساعدة قطاع الطيران على تحقيق أهدافه المتمثلة في وقف النمو في انبعاثات الكربون بحلول عام 2020، وتقليل مستويات الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2050 مقارنة بما كانت عليه في عام 2005.
من جهته، قال شين شوين، نائب الرئيس لشؤون الاستراتيجية وتطوير الأسواق بشركة بوينغ إنترناشيونال: “تثبت رحلة الاتحاد للطيران أن النظام المتكامل للطاقة والزراعة بمياه البحر من شأنه تغيير القواعد بما يعود بالنفع الوفير على قطاع النقل الجوي والعالم. وتظهر الأبحاث والتقنيات التي يجري تطويرها بشائر واعدة لتحويل المناطق الصحراوية الساحلية إلى أراضٍ زراعية مثمرة تساهم في دعم الأمن الغذائي والسماوات النظيفة”.
تجدر الإشارة إلى أن المنشأة التجريبية للنظام المتكامل للطاقة والزراعة بمياه البحر، التي يتولى تشغيلها اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة، قد أصبحت قيد التشغيل في مارس 2016. وتشهد المنشأة زراعة النباتات الملحية القادرة على تحمل الأملاح والازدهار في البيئات الصحراوية ولا تتطلب المياه العذبة أو الأراضي الزراعية من أجل النمو. وبعد تسميد النباتات بمخلفات المياه الغنية بالمغذيات من الأسماك والأحياء المائية، يتم تحويل مسار المياه إلى غابة من أشجار المانغروف (القرم) المزروعة. ويساهم ذلك بصورة إضافية في نزع المغذيات من المياه المستخدمة وتوفير مصدر هام لتخزين الكربون قبل تصريف تلك النفايات السائلة، التي تم معالجتها وترشيحها بوسائل طبيعية، وإعادتها إلى البحر.
وعلى مدار السنوات القليلة القادمة، من المتوقع أن يتم التوسع في هذا النظام الزراعي على مساحة تصل إلى 200 هكتار في إطار الخطط للمضي قدماً نحو التطبيق التجاري على نطاق كامل.