
الدوحة- لوبوان-كتبت مبروكة الغانمي
مع اقتراب كأس العالم 2026، يعيش كل تونسي لحظات من الترقب والفخر، ولكن أيضاً من القلق الجدي. منتخب تونس الوطني ليس مجرد فريق كرة قدم، بل رمز للهوية الوطنية، لطموح الشباب، ولروح الجماهير التي تعيش كل هدف وكل تمريرة وكأنها جزء من حياتها. كل مباراة للمنتخب هي أكثر من مجرد مواجهة على الملعب؛ إنها قصة عن الانتماء، عن الصمود وعن السعي للتفوق على النفس قبل المنافسين.
عبرة الإمارات وقطر: الانضباط فوق كل شيء
كان الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا قد سلّط عقوبات على الإمارات وقطر قبل يومين، بعد وقوع أحداث مُخلة بالروح الرياضية خلال مواجهة التصفيات المؤهّلة إلى كأس العالم 2026. فقد أوقفت فيفا مسؤول الفريق الإماراتي مطر الصهباني، لمدة 16 مباراة وفرضت عليه غرامة قدرها 10 000 فرنك سويسري، عقب اكتشاف سلوكات اعتُبرت “غير رياضية” وشملت اعتداءً على حكم المباراة. في المقابل، شملت العقوبات اللاعب القطري طارق سلمان، بإيقاف لمباراتين وغرامة قدرها 5 000 فرنك سويسري، بسبب خشونة خطيرة داخل الملع.
هذه الإجراءات تعبّر بوضوح عن موقف فيفا الحازم تجاه الانضباط والسلوك داخل الملاعب — رسالة مفادها أن النجاح في كرة القدم اليوم لا يُقاس بالأهداف وحدها، بل أيضاً بالالتزام والاحترام. تونس مطالبة بالاستفادة من هذا الدرس، لضمان أن كل لاعب ومسؤول يعكس صورة وطنية مشرفة ويحمى سمعة المنتخب على المستوى الدولي.
الجيل الجديد: موهبة تحتاج لتوجيه
“نسور قرطاج” يملكون خليطاً مثالياً من الخبرة والشباب. لكن الموهبة وحدها لا تكفي لمواجهة الفرق العالمية في كأس العالم. النجاح الحقيقي يأتي من توازن بين المهارة الفنية، التركيز الذهني، والالتزام الأخلاقي داخل الملعب وخارجه. على الجهاز الفني والمدربين التأكد من أن كل لاعب يفهم حجم المسؤولية التي يحملها على كتفيه، وأن كل تصرف يمكن أن يكون له أثر طويل الأمد على سمعة الفريق.
التحدي الأكبر يكمن في الاستعداد النفسي والذهني: ضغط المباريات الدولية، الأخطاء التحكيمية المحتملة، وحتى استفزازات الفرق المنافسة يمكن أن تؤثر على أداء اللاعبين. تونس بحاجة إلى استراتيجية شاملة لا تركز فقط على الجانب الفني، بل على الجانب النفسي والتربوي، لتصبح هذه التجربة فرصة لتقوية الشخصية الرياضية للمنتخب بأكمله.
الرسالة للجماهير والإعلام
الجمهور التونسي لطالما كان القلب النابض وراء الفريق. دعم الجماهير وحماستها يمثلان طاقة إيجابية هائلة، لكن الصحافة والإعلام الرياضي عليهم مسؤولية أكبر: توجيه النقد بشكل بناء، تسليط الضوء على القيم الإيجابية، وتعليم اللاعبين من خلال المتابعة الحقيقية للنتائج والسلوكيات، بدل الانجرار وراء الإثارة أو الانتقادات السطحية التي قد تؤثر سلباً على معنويات الفريق.
الخلاصة
كأس العالم 2026 يمثل لتونس فرصة ذهبية لتأكيد أنها ليست مجرد مشارك، بل فريق يمثل قيم الانضباط، الأخلاق، والطموح الحقيقي. الدرس الذي يجب أن نتذكره من التجارب العربية الأخرى واضح: الانضباط يحمي الفريق، ويحوّل كل جهد فردي إلى نجاح جماعي. تونس أمام فرصة لتثبت للعالم أن كرة القدم ليست مجرد أهداف أو مباريات، بل صورة عن روح الأمة، التزامها، وقلبها الكبير الذي ينبض مع كل تمريرة وكل هدف.
مبروكة الغانمي




