لوبوان تي ﺁن꞉
في تصريح خاص ل” لوبوان” اكد الخبير الاقتصادي والصناعي السيد “جمال العويديدي” ان بنود مشروع اتفاق التبادل الحر الشامل و المعمق “الأليكا”تم تمريرها بقوانين مباشرة صادق عليها مجلس نواب الشعب-في الوقت الذي تتظاهر فيه الحكومة بأنها ما زالت تتفاوض حول مشروع “الأليكا”- منذ أكثر من ثلاثة سنوات بطريقة ترتقي إلى مستوى المغالطة بقوانين فردية تمت المصادقة عليها من طرف مجلس نواب الشعب بتواطئ من نواب الأغلبية الحاكمة .
وتابع بانه بالرجوع إلى البنود المتعلقة بمشروع “الأليكا” و عددها اثنا عشر وهي:تحرير تجارة الخدمات بما فيها التجارة وكل الأنشطة المهنية (محاسبة، محاماة، طب، هندسة، مستشارين) و كل الحرف بجميع أنواعها و التعليم و الصحة و إقرار حق الانتصاب و حماية الاستثمارات: بمعنى الحق لكل مواطن و لكل مؤسسة من بلدان الاتحاد الأوروبي في الانتصاب في تونس و الاستثمار بدون أي ترخيص مسبق و بدون تأشيرة غير أن هذا الحق الأخير غير مكفول للمواطن التونسي الذي يبقى تنقله رهن الحصول على تأشيرة.
كما أن هذا البند يسمح للأطراف الأجنبية باللجوء إلى التقاضي خارج البلاد في حالة نشوب نزاع مع الأطراف التونسية بما فيهم الدولة التونسية. بمعنى اللجوء إلى التحكيم (l’arbitrage) وهو قضاء مُكلف جدا و أحكامه باتة و نهائية سوف تضر بالمصالح العليا للبلاد وتحرير تجارة المنتوجات الفلاحية بما فيها تلك التي يتم تحويلها صناعيا و منتوجات الصيد البحري.وهي بنود تم تمريرها بقانون الاستثمار عدد 71 لسنة 2016 المؤرخ في 30 سبتمبر 2016 الذي ينص في فصله الثاني ” يضبط هذا القانون النظام القانوني للاستثمار الذي يقوم به أشخاص طبيعيون أو معنويون مقيمون أو غير مقيمين في جميع الأنشطة الاقتصادية ” بعدما كانت سابقا حكرا على الأنشطة الصناعية المعملية فقط. ونفس الامر بالنسبة للبند المتعلق بالمطابقة للمواصفات الصحية و الصحة النباتية و الحيوانية المعمول بها في الاتحاد الأوروبي حيث تم تمريره بالقانون عدد 25 لسنة 2019 مؤرخ في 26 فيفري 2019 المتعلق بالسلامة الصحية للمواد الغذائية و أغذية الحيوانات. ونفس الشيئ بالنسبة لفتح الصفقات العمومية المحلية لكل الشركات الأوروبية فهذا البند تم تمريره بالقانون عدد 49 لسنة 2015 و الذي يتعلق بعقود الشراكة بين القطاع العام و القطاع الخاص وقد تم تقريبا اعتماد نفس الخط بالنسبة لبقية بنود الاليكا فيما يخص الشفافية في الإجراءات التنظيميةو الإجراءات الديوانية والملكية الفكرية و تسهيل المبادلاتو السياسة المتعلقة بالمنافسة الذي تم تمريره بالقانون عدد 36 لسنة 2015 مؤرخ في 15 سبتمبر 2015 و الذي يتعلق بإعادة تنظيم المنافسة و الأسعار. و الحال أنه لدينا القانون عدد 64 لسنة 1991 مؤرخ في 29 جويلية 1991 يتعلق بالمنافسة و الأسعار. وغيرها من بقية البنود.
وفي نفس السياق اكد ان مشروع اتفاق التبادل الحر الشامل و المعمق “الأليكا” يمثل خطرا على الاقتصاد الوطني لعدة اعتبارات موضوعية نذكر من أهمها أن هذا المشروع سوف يتم بين طرفين غير متكافئين في جميع المجالات. كيف يمكن للاقتصاد التونسي أن يدخل في منافسة مع أقوى مجموعة من البلدان في العالم تتكون من 28 بلد من بينها ألمانيا و فرنسا و إيطاليا و إسبانيا و السويد؟ وهي بلدان ذات تفوق تكنولوجي و علمي و مالي.
مع العلم وان تونس سبق أن وقعت على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي في سنة 1995 شمل تحرير المنتوجات الصناعية عبر تفكيك تدريجي للمعاليم الديوانية بين الطرفين. هذا الاتفاق لم يشفع بتقييم رسمي إلى هذا اليوم من طرف الحكومات التونسية قبل الثورة و بعدها.
وأضاف بان الدليل جلي في دراسة قام بها البنك الدولي بالتعاون مع المعهد الوطني للإحصاء صدرت في 2012 و أثبتت أن تونس فقدت، بين سنة 1996 و سنة 2010، 55 % من نسيجها الصناعي أي ما يفوق 10 آلاف مؤسسة صناعية بمعدل تشغيل يمثل 40 شخصا لكل مؤسسة. أي أن إفلاس هذه المؤسسات من جراء الممارسات المخلة بقواعد المنافسة التي قامت بها الشركات الأوروبية أدت إلى فقدان 400 ألف موطن شغل مستدام في تونس. كما فقدت الخزينة العمومية أكثر من 40 مليار دينار بين 1996 و 2016.
وتابع ان اضرار الاليكا واثارها السلبية ثابتة ففي القطاع الفلاحي مثلا نلاحظ أن تمرير القانون عدد 25 لسنة 2019 مؤرخ في 26 فيفري 2019 يتعلق بالسلامة الصحية للمواد الغذائية و أغذية الحيوانات سوف يمنح الفرصة للمواد الفلاحية الأوروبية بغزو السوق التونسية بدعوى أن المنتوجات الفلاحية المحلية سوف تجد صعوبات كبيرة لتكون مطابقة للمواصفات التي تم اعتمادها حرفيا طبقا للمواصفات الأوروبية لأن تونس لا تمتلك المخابر و الأدوات التكنولوجية الضرورية ليصبح المنتوج الوطني قابل للمنافسة. في هذه الحالة يتعرض المنتوج التونسي لمخاطر الإقصاء من الترويج في سوقنا المحلية بدعوى عدم مطابقته للقانون الصادر عن مجلس نواب الشعب التونسي. بمعنى أن القانون التونسي سوف يقصي المنتوج التونسي؟
اكثر من ذلك فان كنا نطمع ان يوفر قطاع الخدمات بفضل تونسة النشاطات الخدماتية بموجب قانون 1961-وهو امتياز يخول لهذا النشاط أن لا يقوم بتحويل المرابيح المتأتية من تجارة السيارات و من قطاع الغيار التابعة لها و خدمات الصيانة إلى الخارج. مما سيمكن من تراكم هذه المرابيح داخل البلاد و استعمالها في دفع الاستثمار الداخلي.-فان مع الاليكا سيصبح هذا الحق ليس حكرا على التونسيين أساسا فهو مفتوح لكل الأشخاص المادية أو المعنوية الأوروبية بممارسة التجارة في كل المجالات و سيمكنهم هذا الاتفاق من تحويل كل المرابيح التي يحصلون عليها إلى بلدانهم و ذاك بالعملة الأجنبية مما سيستنزف رصيدنا من العملة الأجنبية و يعمق عجز ميزان الدفوعات عبر تحويل القيمة المضافة إلى الخارج.
كما نوه بانه حتى تكون الرؤية واضحة فان الامن الصحي للتونسي مهدد حيث يتضمن مشروع “الأليكا” في مدة الملكية الفكرية في الميدان الصناعي من 20 إلى 30 أو 35 سنة من صلاحية الملكية مقابل 20 سنة فقط حاليا. و هذا الإجراء سوف يدمر نسيج صناعات الأدوية الجنيسة “les médicaments génériques” التي لا تدفع إتاوة الملكية الفكرية ليصح سعرها في متناول الفئات الضعيفة و المتوسطة. غير أن هذا الاتفاق الذي ستتمتع به الشركات العالمية الأوروبية لصناعة الأدوية سوف ينجر عنه ارتفاعا كبيرا في سعر الأدوية و سوف يضر القدرة الشرائية للمواطن التونسي.
هاجر وأسماء