أحداث

الحكومة الأميركية تمنع صندوق النقد إقراض إيران لمكافحة كورونا….

لوبوان تي ﭑن:

تصر الولايات المتحدة على استخدام حق النقض الذي تملكه في إدارة صندوق النقد الدولي للحيلولة دون موافقة الصندوق على طلب إيران الذي تقدمت به في الرابع عشر من مارس/آذار الماضي بالحصول على قرض طارئ بقيمة 5 مليارات دولار من مبادرة التمويل السريع التابعة لصندوق النقد الدولي، وهو برنامج لمساعدة الدول في مواجهة الكوارث والأزمات المفاجئة، حيث تريد الحكومة الإيرانية استخدام القرض لمكافحة جائحة فيروس كورونا حيث ارتفع عدد الإصابات المؤكدة في إيران حتى يوم الجمعة إلى ما يزيد عن 68 ألف حالة ووفاة أكثر من 4 آلاف مصاب.

وقد تسببت سياسة الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران من خلال ممارسة “الضغوط القصوى” عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران في شهر نوفمبر/تشرين ثاني 2018 ، تسببت في زيادة انتشار جائحة الكورونا في إيران بمعدلات عالية، حيث شملت العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران أيضا قطع  إمدادات الأدوية والمعدات الطبية. ونقلت شبكة التلفزيون الأميركية “سي إن إن” عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية تبريره لرفض الولايات المتحدة طلب القرض الإيراني  بالقول إن ” الدولة الراعية الرئيسية للإرهاب في العالم تسعى للحصول على أموال لتمويل مغامرتها في الخارج، وليس لشراء الأدوية للإيرانيين.” مكررا المزاعم التي دأبت حكومة ترامب على ترديدها بأن “لدى المسؤولين الفاسدين في النظام تاريخ طويل في تحويل الأموال المخصصة للسلع الإنسانية إلى جيوبهم الخاصة ووكلائهم الإرهابيين ” زاعما أن لدى طهران أموالا كافية لمواجهة الوباء بمليارات الدولارات في صندوق التنمية الوطنية وصندوق الثروة السيادية والأموال التي يسيطر عليها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وقال المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران بوزارة الخارجية الأميركية، برايان هوك إن على طهران إعادة توجيه أموال دعمها للعمليات العسكرية في سوريا والعراق إلى مكافحة فيروس كورونا المستجد.

وبالمثل، قال مسؤول في وزارة الخزانة (المالية) الأميركية “إن الولايات المتحدة على علم بطلب إيران للحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي، وكما هو الحال في الماضي، ما زلنا نعارض أي تمويل لإيران والذي يمكن استخدامه لتعزيز أنشطة النظام الخبيثة والمزعزعة للاستقرار. لسوء الحظ، كان البنك المركزي الإيراني، الذي يخضع حاليًا للعقوبات، عاملاً رئيسيًا في تمويل الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة وليس لدينا ثقة في أن الأموال ستستخدم لمحاربة فيروس كورنا.” كما زعم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأسبوع الماضي أن إيران ستستخدم أي مساعدة اقتصادية لتطوير برنامج نووي عسكري ودعم الميليشيات في العراق والتي تتهمها واشنطن بشن عشرات الهجمات على المصالح الأميركية في هذا البلد. وقال بومبيو “ترون كيف يعامل النظام شعبه خلال هذه الأزمة الكبيرة. ترون كيف يستمرون في إنفاق المال”.

ولم تكن إيران وحدها في هذا المجال فقد رفض مجلس إدارة صندوق النقد الدولي الشهر الماضي تحت ضغط من الولايات المتحدة وحلفائها الأوربيين طلبًا مماثلاً تقدمت به فنزويلا للحصول على قرض طارئ بقيمة 5 مليارات دولار، مما يزيد من معاناة الشعب الفنزويلي الذي تخضع بلاده أيضًا لحصار ونظام عقوبات أميركي يهدف إلى تجويع البلاد وإخضاعها وإسقاط حكومة الرئيس نيكولاس مادورو. وادعى صندوق النقد في معرض تبرير الرفض بعدم وضوح ما إذا كان “المجتمع الدولي” اعترف بإدارة مادورو أو السياسي اليميني المدعوم من الولايات المتحدة خوان غوايدو كحكومة شرعية. ولم تكتفي حكومة ترامب بذلك بل إنها وضعت جائزة مالية بقيمة 15 مليون دولار للتخلص من مادورو الذي وجهت له اتهامات زائفة بتهريب المخدرات وأرسلت سفنها الحربية باتجاه سواحل فنزويلا. 

وقال صندوق النقد الدولي الذي يضم في عضويته 189 دولة، إن محادثات مع مسؤولين في إيران ستحدد مدى أهليتها لهذا القرض. ومع ذلك، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال”، يوم الأربعاء الماضي، بأن الولايات المتحدة – أكبر مساهم في صندوق النقد الدولي – خططت لإعاقة الموافقة على الطلب.

وتعد الولايات المتحدة من أكبر المساهمين في صندوق النقد الدولي، ويمكنها أن تؤثر بقوة على مصير طلب القرض الطارئ حتى وأن تم جمع أغلبية من الدول الأعضاء للموافقة على القرض. وحسب بيانات صندوق النقد الدولي فإن إيران لم تحصل على قروض من صندوق النقد منذ أخر قرض حصلت عليه في الفترة من 1960-1962، أي قبل قيام  الثورة الإسلامية  في 1979.

وندد الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأربعاء الماضي بالموقف الأميركي وقال “سيذكر التاريخ أن البيت الأبيض، حتى الآن، كان إرهابيا اقتصاديا، وكان في الرعاية الطبية إرهابيا أيضا”. واصفا حملة الضغط الأميركية ب “العار التاريخي” وحذر روحاني من أنه “لا يجب أن يكون هناك تمييز” في موافقة صندوق النقد الدولي على الطلبات. وقال روحاني “في السنوات الخمسين الماضية كنا عضوا في الصندوق ولم نطلب أي شيء. لقد قمنا بواجباتنا، لكنهم لم يؤدوا واجباتهم فيما يتعلق بنا كعضو في الصندوق”.

وكانت حكومة ترامب زعمت أنها عرضت المساعدة لإيران الشهر الماضي وهي في حقيقتها تعتبر في الوضع الذي تواجهه إيران حاليا مساعدات تافهة من إجمالي المساعدة التي أعلنت أميركا عن تقديمها عالميا وقيمتها 275 مليون دولار، إذ أن المبلغ  (الصدقة) الذي عرضته على إيران كان أقل من عُشر هذا الرقم.  مما يعتبر  إهانة سخيفة في ضوء ما يقدر بـ 200 مليار دولار التي حرمت العقوبات الأمريكية الاقتصاد الإيراني منها وذلك بقطع مصدر عوائدها الرئيسي وهو صادرات النفط وعرقلة الاستثمار الأجنبي.

واشنطن-محمد دلبح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى