لوبوان تي ﺁن꞉
بعد ان اصبح حال تونس الأن أشبه بما وصفه بها محمد بيرم الخامس سنة 1870 حين قال: » لو رأيت ما عليه القرار، لملئت رعبًا و لولّيت منه الفرار، من ذئاب تغتال وثعالب تحتال، مجتهدة في قلب الرّحال وتشتيت الرّجال، وثعبان شاغر فاه لابتلاع الأموال. فيالها من حال يرثي لها من رام النزال وتخرّ بشدّتها شامخات الجبال، افتضحت فيها ربّات الحجال، وهوت الإيالة إلى الزوال وتمكن من القلوب الزلزال قادة وتقاربت الأجيال وانقطعت الآمال وعُدّ الصلاح من المحال » نادت عديد الاصوات الوطنية التي تتالم لما ال إليه وضع البلاد إلى ضرورة البحث عن حلول للانقاذ والابتعاد عن مصطلح الغنيمة والتكالب على الكراسي لأنه ان الاوان لتغليب المصلحة العليا على حب الذات لان السفينة تغرق ومن بين هذه الاصوات المنادية بالتحرك الفعلي المناضل احمد المناعي الذي وجه رسالة إلى رئيس الحكومة أعرب له ضمنها عن خطئه عندما أمضى على عريضة لمساندته عند حملته ضد الفساد لانها حرب لم تحقق المطلوب لان الفساد بات عاما وتحول إلى ما يشبه السرطان الذي عم كل خلايا الجسم الاجتماعي وأشار في رسالته إلى أن تونس تحتاج إلى قادة وزعماء وبناة وهذا أهم ماورد فيها ꞉
“لا أحسب أن اسمي يعني لك شيئا يذكر فلست رئيس طائفة أو حزب أو تكتل سياسي أو نقابة أو جماعة إرهابية أو عصابة تهريب وليس لي مال ولا دولة أجنبية تسندني بحيث لا أملك شيئا من عناصر القوة والتأثير في المشهد السياسي والرأي العام.
وللأمانة أنا أيضا لا أعرفك إلا منذ سنوات قليلة وتحديدا منذ سنة 2013 عندما ظهر اسمك ضمن قائمة المائة شخصية التي استقالت من كل هياكل الحزب الجمهوري وحمّلت في بيان موجه إلى الرأي العام حكومة الترويكا المسؤولية الكاملة فى اغتيال المنسق العام للتيار الشعبى محمد البراهمىواتهمتها بعدم اتخاذ الإجراءات الكافية لإيقاف العنف وملاحقة المحرضين عليه منذ أشهر على حد نص البيان. وأعلن المستقيلون ومن بينهم وجوه بارزة فى الحزب الجمهورى مركزيا وجهويا انخراطهم فى الحركة الشعبية الداعية إلى إسقاط الحكومة وحل المجلس الوطني التأسيسي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تتولى إتمام المرحلة الانتقالية وفى الدعوة إلى التمرد واحتلال الشوارع والساحات العامة حتى تحقيق هذه المطالب.
وطالبت القائمة برفع الحصانة النيابية عن رئيس كتلة حركة النهضة الصحبى عتيق ومقاضاته بعد تصريحاته الأخيرة التى قال فيها بالخصوص أن من يستبيح الشرعية ستتم استباحته.
كان موقفك هذا موقفا مشرفا لك ولرفاقك وأيضا للمرحوم حسيب بن عمار الذي علمت مؤخرا بأنه خالك والذي عرفته شخصيا أول مرة في مؤتمر الحزب الأشتراكي الدستوري في المنستير سنة 1971 والتقيته آخر مرة ولمدة ثلاثة أيام في باريس في مؤتمر دولي لمنظمات حقوق الأنسان الحكومية نظمته الأمم المتحدة والخارجية الفرنسية في شهر نوفمبر 1991. وقد كان صحبة المرحوم رشيد إدريس والسيد زكرياء بن مصطفى أمد الله في أنفاسه. وأذكر أن الأخير وما إن رآني حتى فاجأني حانقا « كيفاش سي أحمد تستهدفو طائرة الرئيس بصاروخ استنقر؟ » فاستغربت الأمر لكوني لم أستمع للندوة الصحفية لوزير الداخلية عبد الله القلال التي تحدث فيها عن الصاروخ ورددت عليه قائلا: « يا سي زكرياء هذا الصاروخ لم تعطه أمريكا حتى لحلفائها في الأطلسي ولم تعطه إلا للأفغان لمحاربة السوفيات والله إذا استطاعت الدولة التونسية الحصول عليه فسأعمل اكتتابا لدفع ثمنه. » وقد ضمنت كل هذا في رسالة بعثتها إلى السيد زكرياء بعد أشهر عندما اكتشفت الحقيقة المرة.
ولا شك ان موقفك ذلك يشرف أيضا المرحومة جدتك راضية الحداد التي عرفتها أيضا في مقتبل شبابي حيث زارتنا في دارنا بالوردانين مرتين في جمع من المناضلات النسائيات بعد الاستقلال. وقد جئن في حملات توعية للنساء ووزعن عليهن مَرَايا صغيرة بحجم الكف تحمل صورة الرئيس الحبيب بورقيبة في قفاها. وأذكر كم أفرحت تلك الهدايا التي نراها اليوم تافهة، نساء الوردانين فقليل من كن يملكن مَرَايا في بيوتهن.
يحق لك الأفتخار بالجدة والخال ولكن الأفضل للفتى أن يقول ها أنا ذا.
ليس بالجديد على الطبقة السياسية التونسية ما بعد 14 جانفي 2011 السياحة الحزبية وتبديل السروج أما أن يتم ذلك كما فعلته أنت فهو لعمري شيء غريب ومذهل. فقد تحولت من حضن من أخرجك لأنوارالشهرة والسياسة وبوأك حكم تونس إلى حضن من حملتهم مسؤولية اغتيال المرحوم البراهمي وطالبت بمحاكمة أحد زعمائهم.
اني أعرف السيد راشد الغنوشي منذ سنة 1968 أي قبل سبع سنوات من ميلادك السعيد أما حركته فقد عرفتها بداية من منتصف 1991 في المهجر أيام اكتشاف ثاني محاولاتها الانقلابية الفاشلة. ولقد وقفت معهما سنوات العسرالطويلة عندما كانا طريحي الأرض. وقطعت معهما في يسرهما وأنا أقاومهما الآن على طريقتي وبأسلوبي الخاص – وشاهد ومشهود – ليقيني بأنها مسكونة بعقلية التخريب وعاجزة على البناء وغير قادرة على أن تغير ما بنفسها ما دامت تتنكر لماضيها. وهنيئا لك بهذا التحالف وعزائي لتونس من عواقبه الوخيمة.
لقد ظلمتك فمعذرة.
هذه التعريجة التاريخية الطويلة أنستني موضوع الرسالة. فقد كتبت لك لأعتذر لك عن خطئي في حقك يوم أقدمت في 26- 5- 2017 مع جمع من الأصدقاء: رجالا ونساء تحرير عريضة لمساندتك يوم أعلنت الحرب على الفساد. جمعنا إمضاءات سبع وسبعين شخصية وازنة كلها تواقة لمساعدتك على الحد من الفساد -الحرب شيء آخر لا أرى أحدا قادرا عليها في حالنا الآن- الذي ينخر المجتمع والدولة ويؤذن بخراب العمران.
وتوقفنا عند هذا الحد عندما أدركنا أن حربك افتراضية لا طائل من ورائها. فالفساد الذي كان مستشريا في عهد النظام السابق والذي كشف بعض جوانبه ملف العائلات السبع التي تنهب تونس الصادر في سنة 1997 يعد قطرة من بحر الفساد الذي يغمرنا منذ ثماني سنوات. فقد تحول إلى سرطان عم كل خلايا الجسم الأجتماعي وأتى على كل وظائفه الحيوية منذ ان اختلطت اموال التهريب بالأموال الأجنبية المدعمة للأحزاب بحيث أصبح الشفاء منه بالأمر المحال.
والمذهل في حربك الأفتراضية هذه أنك عاديت من خاضها قبلك بوسائله الخاصة والمتواضعة ومن منطلق شعوره بمسؤوليته المواطنية والوطنية وهوعلى تمام الوعي بالمخاطر الناجمة عن التصدي للفساد والفاسدين والمفسدين المتغولين وأعني بهم جمهور الإعلاميين والمدونين الأحرار …..
السيد رئيس الحكومة
في المحطات التاريخية العصيبة بل الكارثية التي تمر بها الشعوب وشعبنا التونسي يعيش هذه المحطة منذ 14 جانفي 2011 مع بداية عودة قوية للاستعمار بتزكية من بعض قواه السياسية، لا تكون الحاجة الى رجال ونساء أكبر حرصهم ضمان مستقبلهم السياسي بل الى قادة وزعماء وبناة: رجالا ونساء يلتحمون مع شعبهم في حركة تحريرية جديدة تعيد لتونس سيادتها المصادرة. فحال تونس الأن أشبه بما وصفه بها محمد بيرم الخامس سنة 1870 .
هاجر واسماء