أحداث

بن سلمان في واشنطن: الاستثمار والتكنولوجيا والطاقة والامن في مقدمة أولويات الزيارة

الزيارة كرسالة ان المملكة تقود مفهوما جديدا للاستقرار الاقليمي مبني على التنمية والشراكات لا على الصراعات، ما يضع الرياض في صدارة الجهود الرامية لاحتواء الازمات وتعزيز منظومات الدفاع الجماعي

 

تونس-لوبوان-كتب سفيان رجب

انطلقت اليوم زيارة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الى واشنطن والتي تأتي في ظرف حساس من تاريخ العلاقات الدولية، حيث يشهد العالم اعادة تشكل في خرائط النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي والأمني خاصة منطقة الشرق الاوسط. وفي ظل هذه التحولات، تتحرك المملكة العربية السعودية بثقة نحو ترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية صاعدة وشريك دولي لا يمكن تجاوزه في ملفات المنطقة، وهو ما تعكسه اجندة الزيارة التي تضع الاستثمار والتكنولوجيا والطاقة والامن في مقدمة اولوياتها.

الولايات المتحدة من جانبها ترسل من خلال هذه الزيارة، اشارات متقدمة على مستوى الثقة في المملكة وقياداتها عبر تصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترمب الذي وصف السعودية بـ”حليف عظيم”، مؤكدا دعمه لبيع مقاتلات F-35 للرياض، في خطوة تحمل دلالات سياسية وعسكرية تتجاوز مجرد صفقة سلاح.

تحالف اقتصادي ومنتدى بأوزان عالمية

على هامش الزيارة، يعقد منتدى الاستثمار السعودي الامريكي في مركز جون اف كينيدي للفنون الادائية بواشنطن، بمشاركة غير مسبوقة من نحو 400 رئيس تنفيذي لكبريات الشركات الامريكية والسعودية. هذا الحجم من الحضور يعكس بوضوح ان التحالف الاقتصادي بين البلدين قد تجاوز مرحلة النفط التقليدي باتجاه قطاعات اكثر تقدما منها خاصة:

  • الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية
  • الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر
  • التعدين وسلاسل توريد المعادن الاستراتيجية
  • الصناعات الدوائية والابتكار الصحي
  • السياحة والترفيه والبنية التحتية المتقدمة

 

ومن بين أبرز الشركات المشاركة نذكر: شيفرون، كوالكوم، سيسكو، فايزر، IBM، جوجل، ادوبي، هاليبرتون، اضافة الى ارامكو وصناديق سيادية سعودية. هذا الخليط اقتصادي تكنولوجي دفاعي يشير الى نموذج شراكة متكاملة تتلاقى فيه مصالح الاستقرار المالي والتطوير الصناعي والامن الاستراتيجي.

رؤية 2030 في قلب التعاون

وتشكل زيارة ولي العهد السعودي، بالنسبة للأوساط الاقتصادية الامريكية، نافذة مثالية للاطلاع على الفرص التي توفرها رؤية 2030، والتي باتت مشروع تحول عميق في بنية الاقتصاد السعودي. ومن شأن الشراكات المنتظرة أن تسهم في نقل التكنولوجيا المتقدمة الى المملكة وتدعم الابتكار المحلي عبر مراكز بحث اميركية سعودية مشتركة مع تعزيز دور الشركات السعودية عالميا عبر توسعها في السوق الأميركية الى جانب خلق فرص عمل نوعية وتأهيل الكفاءات الشابة…

فالاقتصاد السعودي لم يعد يعتمد فقط على تدفقات النفط، بل على حراك صناعي واستثماري يعيد بناء موقع المملكة في سلاسل القيمة العالمية، عبر التقنية والمعرفة والموارد البشرية.

صفقات دفاعية تعزز معادلة الامن الاقليمي

وبالتأكيد سيكون للشق الامني مساحة بارزة في المحادثات بين الامير محمد بن سلمان وادارة ترمب. فالشرق الاوسط يعيش وضعا دقيقا مع استمرار التهديدات من ميليشيات عابرة للحدود وتحديات امن الملاحة والطاقة.

ولهذا، فان دعم واشنطن بيع مقاتلات F-35 يمثل تطويرا نوعيا لقدرات سلاح الجو السعودي وتعزيزا لمنظومات الردع الاستراتيجي واشارة قوية الى الحلفاء والخصوم حول صلابة التحالف السعودي الأمريكي.

كما تشكل هذه الخطوة ركيزة اضافية للمخطط السعودي في توطين الصناعات العسكرية، حيث يتم بحث برامج لنقل التقنية وتوسيع مجالات التصنيع داخل المملكة بالشراكة مع شركات امريكية كبرى.

من النفط الى شراكة في الاستدامة

ورغم مكانة المملكة وريادتها كقوة طاقة عالمية، الا ان النقاش اليوم يتجاوز النفط الى طاقات المستقبل على غرار الهيدروجين الأخضر وتقنيات خفض الانبعاثات وتطوير سلاسل القيمة في قطاع التعدين للمعادن الحيوية الضرورية للصناعات التكنولوجية وانتاج الطاقة النظيفة بكفاءة عالية..

فالرياض تسعى اليوم لتكون مزودا رئيسيا للطاقة المستدامة، ما يجعل التعاون مع واشنطن عامل استقرار في التحول المناخي العالمي، دون الاخلال بأمن الطاقة الذي يبقى مسؤولية مشتركة.

توطين الصناعات وجذب رؤوس الاموال

ومن المؤكد وحسب البرنامج، فان الفرص الاقتصادية الناجمة عن هذه الزيارة ستشمل توقيع مذكرات تفاهم كبرى في مجالات البنية التحتية والمدن الذكية مع دخول صناديق استثمارية امريكية بقوة الى السوق السعودي وتوسع شركات سعودية في نيويورك ووادي السيليكون الى جانب تعاون في قطاع الترفيه والسياحة والاقتصاد الإبداعي…

هذه الاتفاقيات تتكامل مع المشاريع العملاقة مثل نيوم والبحر الاحمر والدرعية، التي تمثل وجه السعودية الجديد كوجهة استثمارية عالمية.

انعكاسات إقليمية.. السعودية شريك استقرار ونمو

سياسيا، تأتي الزيارة كرسالة ان المملكة تقود مفهوما جديدا للاستقرار الاقليمي مبني على التنمية والشراكات لا على الصراعات، ما يضع الرياض في صدارة الجهود الرامية لاحتواء الازمات وتعزيز منظومات الدفاع الجماعي.

فالسعودية اليوم ليست فقط شريكا في التوازن العسكري، بل قاطرة تنموية تسعى لجر المنطقة نحو مستقبل اكثر ازدهارا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى