على هامش اعداد قانون المالية لسنة 2026 : مقترحات عملية لدفع الاستثمار وتكريس المصالحة بين الإدارة والمطالب بالأداء

في ظل وضع اقتصادي عالمي متقلب يشوبه الغموض والترقب واعتبارا لتداعياته الخطيرة على اقتصاديات البلدان النامية لسيما البلاد التونسية
وفي تواصل غياب مخطط اصلاح اقتصادي هيكلي واستراتيجي كما طالب به أهل الاختصاص ابان الثورة يضع حدا جذريا لاستفحال وتعاظم المؤشرات السلبية في المجالات المالية والاقتصادية والتي بلغت اليوم حدا ينذر بالخطر.
وبالنظر لما يعانيه الاقتصاد التونسي من ركود وتعثر لنمو الاستثمار الذي لم تتجاوز نسبته معدل 16% من سنة 2010 الى 2024 وتأثير ذلك على تفاقم البطالة التي ضلت نسبتها تفوق 15% الى حدود سنة 2025 لسيما لدى النساء حيث تفوق نسبة البطالة 20%
من جهة أخرى ورغم المجهودات الجبارة التي تقوم بها الدولة في مجال مكافحة الاحتكار وغلاء الأسعار فان نسبة التضخم ضلت تفوق 5% هذا فضلا على حرصها على الحد من مخاطر الانزلاقات المالية حيث حدد البنك المركزي نسبة السوق المالية بـ7،5% الى حدود شهر سبتمبر 2025 إضافة الى الحد من تقلبات سعر الصرف الذي يضل مشطا للغاية حيث بلغ سعر اليورو خلال هذا الشهر 3،423د
واعتبارا لخطورة تحديات المرحلة فإننا نناشد السيد رئيس الجمهورية بوصفه الضامن دستوريا لسلامة سير هياكل الدولة وحماية الاقتصاد الوطني أن يأذن ببعث مجلس وطني لصياغة بمعية هياكل الدولة مخططا استراتيجي لإنقاذ الاقتصاد الوطني
هذا وللحد من ظاهرة العزوف عن الاستثمار الداخلي وتشجيعا على نموه فاننا نحسب أنه أصبح من المؤكد وأكثر من أي وقت مضى تفعيل بقية بنود الإصلاح الجبائي وسن إجراءات عاجلة لتخفيف العبء الجبائي على المستثمرين وتيسير المصالحة بين الإدارة والمطالب بالأداء ومن أهمها ما يلي:
I-في مجال تخفيف العبء الجبائي :
يرجى الإسراع في سن إجراءات من شأنها تقريب النتيجة الجبائية بالنتيجة المحاسبية وذلك بتنقيح الفصل 39 من مجلة الضريبة للترفيع في سقف الديون الغير قابلة للاستخلاص والقابلة للطرح دون اللجوء للمحاكم في حدود لاتقل عن 2000د وكذلك بتمكين المؤسسات من طرح الخسائر الناتجة عن التخلي عن ديونها لفائدة المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية كما يرجى تمكين المؤسسات من طرح الأداء على القيمة المضافة بعنون ديون غير ثابتة الاستخلاص هذا إضافة الى ضرورة تنقيح الفصل 10 من مجلة الأداء على القيمة المضافة بإرساء طرح الأداء الموظف على السيارات دون 9 خيول ومصاريف صيانتها
هذا وتخفيفا للعبء الجبائي على الأجراء فانه يرجى طرح الترفيع في نسبة طرح المصاريف المهنية الى 12% مع حد أقصى بـ3000د كما نقترح انسجاما مع القانون المقارن تحديد حد أقصى للضريبة على الثروة المحددة بـ0،5% من قيمة الممتلكات العقارية لايتجاوز 50% من جملة الأداءات المدفوعة.
II-في مجال حيادية الإدارة ودعم الشفافية والتخفيف من كلفة الامتثال الجبائي :
يتعين توسيع مجال التصريح عن بعد ليشمل تصريح المؤجر وتصريح طلبات التزود وفواتير البيع بتأجيل توظيف الأداء على القيمة المضافة كما يرجى تركيز فضاء افتراضي يمكن التواصل مع مصالح الجباية ليشمل الاطلاع على الوضعية الجبائية والديون الجبائية المتخلدة بالذمة وكذلك مطالب الاسترجاع ومتابعة مآلها
هذا ونحسب أنه من الضروري اليوم أن تكون الأجوبة الصادرة عن مصلحة الارشاد الجبائي كتابيا وعبر الرسائل الالكترونية.
انه ملائمة للعقوبات الجبائية مع المخالفات المرتكبة يرجى توقيف العقوبات الجزائية المتعلقة بالتصريح بالأداء ودفعه وخاصة المنصوص عليه بالفصل 92 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية عند قيام المطالب بالأداء بتسوية وضعيته تلقائيا
III-دعم ضمانات المطالب بالأداء :
ان ما نلاحظه من تفاقم لظاهرة العزوف عن الاستثمار الداخلي حيث من أسبابها نذكر سلوكيات غير مسؤولة من بعض أعوان إدارة المراقبة الجبائية التي ضلت خصوصا خلال المرحلة الأخيرة تنزع نحو التسلط وتعتمد أساليب وأسس في المراجعة تتسم بتحريف الوقائع وتجاوز السلطة وخرق القانون مما يستوجب اليوم التسريع بإرساء اجراءات لحماية ضمانات المطالب بالأداء وخاصة :
1)انسجاما مع المبدأ الدستوري العتيد المتعلق بالمساواة أمام القانون فإنه من الضروري اليوم مراجعة الفصول 47 و48 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية المتعلقين بالتوظيف الاجباري بما يمنع اصدار أي قرار توظيف دون تبليغ نتائج المراجعة وتمكين المطالب بالضريبة من حقوق الدفاع عن نفسه كما أنه وفي سياق متصل أصبح من المؤكد الغاء الفصل 49 من نفس المجلة.
2)بالنظر لبعض التجاوزات والتوظيفات الجبائية المشطة التي تفوق قدرات المؤسسات وانعكاساتها على وضعياتها المالية وتخفيفا للعبء الجبائي وتيسيرا للمصالحة بين الإدارة والمطالب بالأداء فانه يتعين بصفة مؤكدة اليوم ضرورة تنقيح الفصل 52 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية بما يؤجل تنفيذ قرار التوظيف الاجباري الى بعد صدور الحكم الابتدائي وهو السبيل الأوحد لحماية المطالب بالأداء من هكذا تجاوزات ونناشد سيادة رئيس الجمهورية بأن يأمر بذلك
3)انسجاما مع مطالب الاطارات الوطنية من إدارة الأداءات والمختصين في المجال الجبائي وتكريسا لمبدأ المواجهة وعملا على الرقي المنشود بالعلاقة بين مصالح الجباية والمطالب بالأداء فانه يتحتم ترشيد إجراءات المراجعة الجبائية بفرض تبليغ محضر تبليغ ختم أعمال المراجعة قبل تبليغ تقرير الاعلام بالمراجعة ليتضمن كل الاخلالات التي تعتزم الإدارة اعتمادها لتعديل الوضعية الجبائية للمطالب بالأداء وذلك أسوة بالآليات المعتمدة بالدول المتقدمة وتكريسا للثقة بين المواطن والادارة
4)ترشيد أعمال لجان المصالحة الجبائية لتشمل الملفات التي لم تحترم الآجال المنصوص عليها بالفصل 44 و44 مكرر من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية وتمكين لجان المصالحة من التعهد بملفات المراجعة الجبائية بجميع أنواعها بعد تبليغ نتائج المراجعة الجبائية أو قرار التوظيف الاجباري وذلك بطلب بمبادرة من الموفق الجبائي أو بناء على طلب معلل يقدمه المطالب بالأداء قبل انقضاء آجال الاعتراض المنصوص عليها بالفصل 55 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية كما يرجى تنقيح إجراءات تعيين الممثلين عن المطالب بالأداء بلجان المصالحة من قبل المنظمات المهنية الممثلة له دون سواها.
5)لتحديد أسباب موضوعية لرفض المحاسبة أثناء المراجعات الجبائية المعمقة أو المحدودة فإننا نناشد السيد رئيس الجمهورية الاذن بإعادة تقديم الفصل 59 من قانون المالية لسنة 2016 بعد تعديله على ضوء مقترحات الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين وخاصة باستبدال “عبارة اخلالين ” بالفقرة الثالثة من هذا الفصل الذي ضل ينتظر الى اليوم إعادة التقديم على مجلس النواب للتداول فيه ثانية.
الخبير المالي
الأستاذ جمال بورخيص