
لوبوان تي ان :
سمير عثمان محمود حليلة، رجل أعمال فلسطيني من جماعة التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني يعتقد أنه مؤهل لرئاسة هيئة حكم جديدة في قطاع غزة تنفيذا لخطة اليوم التالي للعدوان الصهيوني على قطاع غزة. وقد خصص نحو 300 ألف دولار لخدمات الضغط (اللوبينغ) بهدف التأثير على الكونغرس الأميركي والحكومة الأميركية وحكومات عربية أخرى معنية لكي يحظى بموافقتها.
وتأتي هذه الجهود التي يبذلها حليلة في العلاقات العامة، في وقت يبحث فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب والقادة العرب خططًا لمستقبل قطاع غزة كجزء من تثبيت وقف مستدام للعدوان الصهيوني على قطاع غزة، تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل له بين حماس وحكومة الاحتلال الصهيوني يوم 19 يناير الماضي والذي انتهت مرحلته الأولى يوم الأول من مارس الجاري.
وقد وقع حليلة عقد خدمات الضغط والعلاقات العامة مع آري بن مناشي، وهو رجل لوبيات إسرائيلي-كندي وضابط سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وتاجر أسلحة، سبق أن شملت قائمة عملائه زعيمًا عسكريًا أفريقيًا مخلوعًا والمجلس العسكري في ميانمار.
ودفع حليلة مبلغ 100 ألف دولار كدفعة مقدما لبن مناشيه، الذي يعمل نيابة عن شركة “ديكنز آند مادسون”، في 20 فبراير الماضي، وفقًا لوثائق مقدمة إلى وزارة العدل الأميركية وفقًا لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA).
وينص العقد الأصلي لخدمات الضغط والعلاقات العامة على أن حليلة لا يتم تمويله أو دعمه أو الإشراف عليه أو امتلاكه أو توجيهه أو التحكم فيه من قبل حكومة أجنبية أو حزب سياسي أجنبي أو أي جهة أجنبية أخرى.
حليلة، المولود في أريحا في 11 مايو عام 1957 ويقيم في رام الله في الضفة الغربية، هو اقتصادي ورئيس غير تنفيذي لبورصة فلسطين. شغل عدة مناصب حكومية في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية مع السلطة الفلسطينية حيث كان أمينا عاما لحكومة أحمد قريع الثالثة في عام 2005، ووكيلا مساعدا لوزارة الاقتصاد والتجارة وكان الرئيس التنفيذي لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار (باديكو) المملوكة لمنيب المصري، كما سبق أن تسلم بعض ملفات بروتوكول باريس الاقتصادي الذي ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي. كما يعرف عنه مواظبته على المشاركة في مؤتمر دافوس (للعلافات العامة).
وذكر تقرير نشرته صحيفة “ذي هيل” الأميركية أن شروط عقد “ديكنز آند مادسون” تحدد خطة سياسية وأمنية واقتصادية لقطاع غزة بعيدًا عن سيطرة حركة حماس، التي تعاديها الولايات المتحدة بوصفها منظمة مقاومة مسلحة ضد الاحتلال الصهيوني.. وتعكس الخطط بعض الأفكار التي طُرحت على مدار عام ونصف منذ بدء كيان الاحتلال الصهيوني عدوانه العسكري الإجرامي على قطاع غزة يوم الثامن من أكتوبر 2023 .
تتضمن الخطة في العقد وجودًا عسكريًا أميركيًا وعربيًا في غزة، بدعم من مصر والسعودية والإمارات العربية
وينص العقد على أن بن مناشي يعتزم ممارسة الضغوط على جهات اتصال داخل حكومات الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات وقطر والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والأمم المتحدة، بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية، لدعم جهود حليلة.
وفور الكشف عن مسعاه أصدر حليلة يوم الأحد بيانا أكد فيه المعلومات التي نشرت وقال إنه واصل لقاءه مع شركة ديكنز آند ماديسون بموافقة رئيس سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية محمود عباس “بغرض التعرف على أي معلومات مفيدة بشأن مواقف الأطراف الإقليمية والدولية حول شكل الحكم المقترح في غزة وترتيبات إعادة الإعمار من خلالها.” كما اعترف بتقديمه مبالغ مالية للشركة. وقد أعلنت شركة باديكو عقب الكشف عن تحركاته يوم الأحد إنهاء تمثيله للشركة في مجلس إدارة بورصة فلسطين في خطوة اعتبرت بمثابة تنصل من أية مسؤولية لها في هذا الشأن.
وكان ترامب اقترح في شهر فبراير الماضي أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة، مع تهجير السكان الفلسطينيين وإعادة بنائه ليصبح “ريفيرا الشرق الأوسط”. ويقول مساعدوه إن ترامب يرغب في استضافة قمة حول العقارات والتطوير قريبًا لمناقشة إعادة إعمار القطاع.
وقد رفضت الدول العربية تهجير الفلسطينيين، التي تعتبر جريمة تطهير عرقي، وأكدت أن سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني ضرورية لدعمها لأي خطة. حتى بعض حلفاء ترامب يرون أن خطته متطرفة، وتُعتبر مجرد عرض افتتاحي للمفاوضات حول مستقبل غزة.
ونقلت “ذي هيل” عن مسؤول أميركي سابق قوله إنه كان على دراية باسم حليلة وملفه التجاري، لكنه وصف محاولته لقيادة الفلسطينيين بأنها طموحة، فيما وصف مسؤول سابق في شؤون الشرق الأوسط حليلة بأنه قد حقق نجاحًا معقولًا في القطاع الخاص، لكنه سيكون “خارج نطاقه تمامًا” إذا تولى إدارة قطاع غزة. وقال المسؤول السابق: “إنه ببساطة لا يملك الخبرة أو الروابط الإقليمية أو الثقل السياسي للقيام بذلك”. لكن حليلة قال إنه واثق من أنه سيحظى على الأقل بدعم الفلسطينيين. مضيفا “بالطبع، لم أحصل على أي من هذا الدعم، لكنني متأكد من أن الفلسطينيين لن يمانعوا أن أتولى هذا الدور. لا بد لي دائمًا من الحصول على الإجماع، أو على الأقل موافقة الأطراف الفلسطينية أولًا، ثم يمكنني التوجه إلى الجهات الإقليمية مثل السعودية ومصر وغيرها”.
أفكار أخرى قيد الدراسة.
تجري مصر محادثات مع شركاء خليجيين وعرب حول خطة لإدارة قطاع غزة، تركز على تشكيل حكومة تكنوقراطية تتولى إدارة القطاع. وتسعى مصر إلى إشراك شخصيات مستقلة عن السلطة الفلسطينية، على أن تركز مسؤوليات الحكومة في البداية على الإغاثة الإنسانية والإشراف على مرحلة التعافي الأولية، قبل الانتقال إلى مراحل إعادة الإعمار.
تشمل الخطة أيضًا بقاء الفلسطينيين في القطاع أثناء إعادة الإعمار، ولكن داخل “مناطق آمنة”. كما ستتولى قوة شرطة مكونة من أفراد سابقين في الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية مسؤولية الأمن في القطاع، بدعم من قوات مدربة في مصر والغرب.
هناك خطة أخرى طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وزعيم المعارضة يائير لابيد، تدعو إلى تولي مصر سيطرة مؤقتة على غزة. وقال إن مصر يمكن أن تحصل على حوافز لهذا الدور إذا التزم المجتمع الدولي بسداد جزء من ديون القاهرة الخارجية التي تزيد عن 155 مليار دولار.
وقال لابيد خلال حديثه عن خطته يوم الثلاثاء في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”، وهي مؤسسة بحثية صهيونية في واشنطن: “أعلم كم من الأشخاص سيقولون لي إن هذه فكرة خاطئة. هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين يعترفون بعدم امتلاكهم أي خطة بديلة”. وأضاف: “لذلك، علينا أن نتحرك ونفعل شيئًا، ولا أريد استخدام كلمة ‘إبداعي’، لكن على الأقل أن نكون استباقيين بشأن هذا الأمر”.
في شهر يوليو 2024، طرح الإماراتيون اسم رئيس حكومة السلطة الفلسطينية السابق سلام فياض كمرشح محتمل لرئاسة أي هيئة حكم جديدة في قطاع غزة، حيث يُنظر إليه كبديل موثوق لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي يتعرض لانتقادات طويلة الأمد بسبب قيادته لجهاز حكم متهم بالفساد وعدم الفاعلية في الضفة الغربية.
كما اقترحت مصر تشكيل لجنة الاسناد المجتمعي من نحو 15 شخصية وطنية فلسطينية مستقلة لإدارة شؤون الخدمات والاعمار في قطاع غزة وقد حظيت بموافقة من حركتي فتح وحماس، وكان من بين الأسماء المرشحة لرئاسة اللجنة زياد أبو عمرو نائب رئيس حكومة السلطة الفلسطينية، غير أن رئيس السلطة محمود عباس رفض إصدار مرسوم بتشكيلها حيث يسعى إلى أن تكون السلطة الفلسطينية هي المسؤول المباشر والوحيد لإدارة شؤون قطاع غزة ومسؤولية إعادة الإعمار، وهو ما طرحه رئيس حكومة السلطة محمد مصطفى في اجتماعه مع رئيس الحكومة المصرية يوم الجمعة الماضي.
ومن بين الأسماء البارزة الأخرى محمد دحلان، المستشار السابق لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والذي انفصل عن السلطة الفلسطينية وسط خلافات حادة مع عباس، وأدين بتهم فساد غيابيًا، وهي التهم التي ينكرها. ويعمل دحلان مستشارًا لرئيس دولة الإمارات، ويقال إنه مقرب أيضًا من المصريين. وفي مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” في يوليو الماضي، دعا دحلان إلى قيادة فلسطينية جديدة ومستقلة للقطاع، تكون قادرة على إعادة بناء غزة تحت حماية قوات حفظ سلام عربية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد اقترح في وقت سابق العمل مع “شخصيات محلية في غزة ليست جزءًا من حماس” كبديل محتمل للحكم في القطاع. لكن أي رئيس لحكومة فلسطينية في غزة سيواجه أيضًا تهديدات محتملة بالاغتيال، ووفقًا للتقارير، قامت حماس بإعدام زعيم عشيرة الدغمش، بتهمة سرقة المساعدات الإنسانية والتعاون مع سلطات الاحتلال الصهيوني. كما رفض تحالف من القبائل الفلسطينية أي محاولات إسرائيلية لإنشاء نظام حكم عشائري في غزة.
محمد دلبح -واشنطن-