لوبوان تي ﺁن:
كشف معهد دراسات السياسة الأميركي في أحدث تقاريره عن زيادة ثروات المليارديرات في الولايات المتحدة بمقدار 282 مليار دولار منذ منتصف شهر مارس/آذار الماضي رغم الانخفاض الذي شهده سوق الأوراق المالية في حين أن أكثر من خُمس سكان الولايات المتحدة عاطلون عن العمل الآن، والملايين منهم محرومون من الاحتياجات الأساسية ويواجهون مستقبلًا غامضًا. ويرى التقرير الذي صدر بعنوان “مليارديرات 2020: مكاسب الثروة والضرائب المتدنية والمتربحون من الوباء”، أن حصة المليارديرات من ثروة أميركا المتزايدة قد ارتفعت على مدى العقود الأربعة الماضية بغض النظر النظر عن الكوارث التي تصيب الولايات المتحدة، ففي كارثة فيروس كورونا فإن ثروات الأغنياء لم تتعاف فحسب، بل إنها تتحسن بشكل كبير. وطبقا للتقرير فقد زادت ثروة جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون بمقدار 25 مليار دولار في الفترة من الأول من يناير/كانون ثاني و 15 أبريل/نيسان من العام الجاري، حيث لم يسبق لأي فرد في التاريخ أن حقق مثل هذه الثروة الهائلة بهذه السرعة. وأشار التقرير إلى أن “هذا أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لهندوراس، والذي كان 23.9 مليار دولار في عام 2018”.
وكشف التقرير أن ما بين 1 يناير/كانون ثاني- 10 أبريل/نيسان من العام الجاري ازدادت ثروات 34 من أغنى المليارديرات في الولايات المتحدة البالغ عددهم 170 ملياردير بعشرات الملايين من الدولارات. من بينهم ثمانية من أصحاب المليارات، الذين وصفهم التقرير بـ “المستفيدين من جائحة فيروس كورونا” الذين قاموا بزيادة ثروتهم بأكثر من مليار دولار خلال هذه الفترة وهم جيف بيزوس (أمازون) ، ماكينزي بيزوس (أمازون)، إريك يوان (زوم) ، ستيف بالمر (مايكروسوفت)، جون ألبرت سوبراتو (عقارات وادي السليكون)، وإيلون ماسك (شركة تلسا لصناعة السيارات الكهربائية)، جوشوا هاريس (أبولو، إدارة الأصول المالية) وروكو كوميسو (ميدياكوم، خدمات الكابل والإنترنت). وفي الوقت نفسه فقد شهدت الفترة ما بين 18 مارس/آذار و 10 أبريل/نيسان من العام الجاري فقدان أكثر من 22 مليون شخص وظائفهم حيث ارتفع معدل البطالة إلى 15 في المئة. خلال الأسابيع الثلاثة نفسها. فيما زادت زادت ثروة المليارديرات بنحو 10 في المئة.
وقد تعززت الثروة الجماعية لأغنياء الولايات المتحدة ، حيث قدرت في عام 1990 بـ 240 مليار دولار، حين كان عدد الميارديرات 66 وفي عام 2000 ( 298 ملياردير) قدرت بـ 1.631 تريليون دولار وفي عام 2010 (401 ملياردير) قدرت بـ 1.69 تريليون دولار وفي العام الحالي حيث يصل عدد ملياديرات أميركا إلى 614 ملياردير قدرت ثرواتهم بـ 2.947 تريليون لترتفع ثرواتهم إلى 3.2 تريليون دولار، بسبب الارتفاع المستمر لقيم الأسهم في وول ستريت والتي ارتفعت بشكل حاد مرة أخرى منذ يوم الاثنين الماضي. وذكر التقرير أنه منذ تولي دونالد ترامب مقاليد السلطة في يناير/كانون ثاني 2017 ازدادت ثروة مليارديرات أميركا بنسبة 10.6 في المئة.
وتعيد هذه الطفرة في زيادة ثروات مليارديرات أميركا في ظل كارثة وباء فيروس كورونا، تعيد إلى الأذهان ما حدث عقب الأزمة المالية التي اجتاحت الولايات المتحدة والعالم في عام 2008 ، حيث نظمت إدارتا جورج بوش الإبن وباراك أوباما خطة إنقاذ وول ستريت ، وشراء جميع الديون المعدومة ، خاصة في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، والتي تم استخدامها كوسيلة للمضاربات. ونتيجة لذلك، ازداد عدم المساواة الاجتماعية إلى مستويات قياسية. ارتفعت الصناديق النقدية للشركات إلى 2 تريليون دولار. تم تحويل نحو 4 تريليون دولار إلى عمليات إعادة شراء الأسهم، حيث انتعشت ثروة المليارديرات الأميركيين بسرعة واستغرقت أقل من 30 شهرا للوصول إلى مستويات ما قبل الانهيار في الفترة من 2010-2020 بنسبة 80.6 في المئة أي أكثر من خمسة أضعاف معدل الثروة للعائلات الأميركية بنسبة 15.1 في المئة خلال الفترة من 2010-2016 استنادًا إلى أحدث البيانات المتاحة التر أوردها التقرير. وفي الفترة من 1990-2020 ارتفعت ثروة المليارديرات بنسبة 1130 في المئة وهي تزيد بأكثر من 200 ضعف عن معدل نمو الثروات في الولايات المتحدة التي تصل فقط إلى نسبة 2.37 في المئة. وفي الفترة من 2006-2018 ذهب نحو 7 في المئة من الزيادة الحقيقية في ثروة الولايات المتحدة إلى أغنى 400 أسرة فقط . وعند قياس نسبة مئوية من ثرواتهم نجد انخفاض الالتزامات الضريبية لأصحاب المليارات في الولايات المتحدة بنسبة 79 في المئة ما بين 1980-2018. وخلال هذه الفترة نفسها ، ازداد نصيب المليارديرات من ثروة أميركا المتزايدة بشكل كبير. و بين عامي 2006 و 2018 فقط ، ذهب نحو 7 في المئة من الزيادة الحقيقية في ثروة أميركا إلى أغنى 400 أسرة في البلاد.
ويكشف التقرير الآلية التي تقوم المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة بزيادة ثروات أغنى أغنياء أميركا، وفي هذا المجال فإن حزمة الإنقاذ التي صاغها الجمهوريون والديمقراطيون وصوتوا عليها بالإجماع قد نقلت الثروة إلى أغنى البنوك والشركات، بينما تركت فتات الفتات للسكان العاملين.لا يمنح قانون CARES بقيمة 2.2 تريليون دولار سوى 550 مليار دولار للمدفوعات المباشرة والبطالة الممتدة، والتي لم يتلقها معظم الناس حتى الآن. من بين الـ1.7 تريليون دولار المتبقية، يذهب 500 مليار دولار مباشرةً لإنقاذ الشركات الكبرى. بينما يذهب 377 مليار دولار ظاهريًا إلى الشركات الصغيرة، فإن معظمها لم يتلق دولارا واحدًا، حيث دفعت البنوك 10 مليارات دولار من الرسوم واستهلكت الشركات الأكبر إلى حد كبير الأموال المتاحة. كما وافقت الكونغرس الأسبوع الماضي على دفعة جديدة من الدعم للشركات الصغيرة يتضمن قانون CARES أيضًا 173 مليار دولار إضافية من الإعفاءات الضريبية للأفراد والشركات الغنية. على سبيل المثال، يسمح للأسر التي تكسب ما لا يقل عن 500 ألف دولار سنويا بتخفيض ضرائبها عن طريق زيادة الخصومات بشكل كبير من خسائر الأعمال وتطبيقها على الأموال الخاضعة للضريبة المكتسبة في سوق الأسهم والأوراق المالية. كل هذا على رأس تريليونات يتم توجيهها إلى الأسواق المالية وخزائن الشركات من قبل الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي). كما وافق الكونغرس على حزمة مساعدات طارئة أخرى للشركات الصغيرة الأسبوع الماضي بقيمة 480 مليار دولار.
وفي الوقت نفسه ، وجدت دراسة أصدرها مركز بيو للأبحاث أنه بينما تقدم أكثر من 10 ملايين شخص بطلب للحصول على معونات البطالة في شهر مارس/آذار، فإن 29 في المئة فقط من الأميركيين العاطلين عن العمل حصلوا على أي مزايا في ذلك الشهر. ويقول التقرير إن العمال العاطلين عن العمل “يواجهون خليطًا من الشروط والقواعد المختلفة التي تحدد التأهل للحصول على الإعانات، وكم سيحصلون، ومتى يمكنهم تحصيلها”. وقد ارتفعت نسبة البطالة الحقيقية بما يزيد عن 20 في المئة من السكان. وفقد أكثر من 26.5 مليون وظيفة ، إضافة إلى 7.1 مليون شخص كانوا عاطلين عن العمل بالفعل قبل الأزمة.
أما بقية الأميركيين فالأرقام التي يتضمنها التقرير تشير إلى أن تركيز الثروة في القمة يتناقض بشكل صارخ مع عدد الأسر التي تعيش على الحافة. حتى قبل الأزمة الاقتصادية الحالية، كان لدى عدد متزايد من الأسر الأميركية قيمة صافية صفرية أو سلبية (مما يعني أنها مدينة بأكثر مما تملكه). زادت هذه الأسر المهمشة كنسبة من إجمالي الولايات المتحدة من 15.5 في المئة في عام 1983 إلى 21.2 في المئة في عام 2016. بالنسبة للأشخاص الملونين (غير البيض)، كان الاتجاه أكثر إزعاجًا، إذ أن أكثر من 32 في المئة من السكان من أصول أميركية لاتينية و 37 في المئة من السكان السود لديهم ثروة صفرية أو سلبية.
واشنطن-محمد دلبح