لوبوان تي ﺁن꞉
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السلطات التونسية تُحقق مع مدوّنين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوجّه تهما إليهم، وأحيانا تحتجزهم لمجرّد توجيه انتقادات سلميّة إلى مسؤولين عموميين. قال عديدون إنهم بدأوا يمارسون رقابة ذاتية بسبب أعمال الشرطة وخطر الملاحقة القضائية.
منذ 2017، واجه 9 مدوّنين على الأقل تهما جنائية بسبب تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي انتقدوا فيها مسؤولين كبار واتهموهم بالفساد، أو زُعم أنهم أساؤوا إليهم. قابلت هيومن رايتس ووتش 7 منهم وبعض محاميهم.
قال اريك غولدستين ، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “الاستمرار في استخدام قوانين قمعية، موروثة عن حقبة الاستبداد، لثني المدونين عن توجيه انتقادات سلمية أمر لا يُمكن تبريره بعد 8 سنوات على الثورة”.
تشمل الاتهامات غالبا اتهام مسؤولين عموميين بجرائم مرتبطة بوظائفهم دون تقديم أدلّة تدينهم، بموجب الفصل 128 من المجلة الجزائية
قال محمد علي بوشيبة، الكاتب العام للجمعية، لـ هيومن رايتس ووتش إن وكلاء الجمهورية (المدعون العامون) يستهدفون المدونين الذين لهم عدد كبير من المتابعين على يبدو.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للسلطات التونسية إصلاح القوانين مثل الفصل 128 من المجلة الجزائية والفصل 86 من مجلة الاتصالات اللذين لا يتماشيان مع حماية حرية التعبير المكفولة في دستور 2014 و”العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” (العهد الدولي)، وتونس طرف فيه. في 2011، ألغت السلطات الانتقالية التونسية من “مجلة الصحافة” والقانون المتعلق بوسائل الإعلام بعض العقوبات الجنائية المتعلقة بجرائم التعبير. لكن السلطات استمرت في محاكمة التعبير السلمي بموجب قوانين قمعية ظلّت سارية.
إضافة إلى الفصل 128، يعاقب الفصل 125 من المجلة الجزائية “من يهضم جانب موظف عمومي… حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها” بالسجن حتى سنة. كما يعاقب الفصل 67، الذي يعود إلى سنة 1956، كل “من يرتكب أمرا موحشا ضدّ رئيس الدولة” بالسجن حتى 3 سنوات. تُعرّف الفصول من 245 إلى 247 التشهير و”القذف” كجرائم جنائية تعاقَب بالسجن 6 أشهر وسنة على التوالي. تعود هذه الفصول إلى حقبة الاستعمار الفرنسي.
تضمن المادة 19 من العهد الحق في حرية الرأي والتعبير، بما يشمل الحق في التماس المعلومات والأفكار وتلقيها ونشرها مهما كان نوعها، بشكل شفهي أو مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها الشخص، شرط ألا يضرّ التعبير بسمعة أيّ كان وألا يهدّد النظام العام.
قالت “اللجنة المعنية بحقوق الإنسان” التابعة للأمم المتحدة، وهي هيئة الخبراء الدوليين المكلفين بتفسير العهد الدولي، إن جميع الشخصيات العامة خاضعة بشكل مشروع للنقد العام، وإنه لا يجب فرض أي حظر على انتقاد المؤسسات العامة. كما أوصت اللجنة بالتعامل مع التشهير كمسألة مدنية، وليست جنائية، وألا يُعاقَب أبدا بالسجن.
أكدت اللجنة على القيمة العالية التي يوليها العهد للتعبير غير المقيّد “في ظروف النقاش العام المتعلقة بشخصيات عامة في المجال السياسي والمؤسسات العامة”. ولذلك فإن اعتبار أشكال التعبير مسيئة إلى شخصية عامة ليس كافيا لتبرير فرض عقوبات.
إضافة إلى ذلك، جميع الشخصيات العامة، بما فيها تلك التي تمارس أعلى سلطة سياسية، مثل رؤساء الدول والحكومات، تخضع بشكل مشروع للانتقاد والمعارضة السياسية.
قال غولدستين: “طالما بقيت هذه الأدوات القانونية المقيّدة للانتقاد في النصوص، لن تستطيع السلطات التونسية مقاومة الإغراء باستخدامها. مع حلول الذكرى الخامسة لتبني دستور تونس التقدّمي يوم 26 يناير/كانون الثاني، صار لزاما على البرلمان إلغاء هذه القوانين التي تنتهك روح الدستور”.
وقد أورد التقرير عديد الحالات وشهادات أصحابها لكن هناك عديد الحالات الاخرى التي تم سجنها بسبب تدوينات ومنهم عضو البرلمان ياسين العياري ,فادي بن صالح ,محمد ياسين العمري ,جمال الدين الهمامي ,ومحمد نعيم الحاج منصور.