
- مشاركة أكثر من 120 خبيرا وباحثا صينيا في هذا الموعد، إلى جانب وفود إفريقية وتونسية
- توقيع اتفاقيات شراكة استراتيجية بين تونس وجمهورية الصين الشعبية، بهدف تعزيز التعاون في مجالات التكوين والبحث والابتكار الطبي
- الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج، الابتكارات في أمراض القلب والشرايين، تثمين الطب التقليدي والعلاج بالأعشاب والفيتوتيرابي المبتكرة، حماية السيادة الجينية الإفريقية من ابرز محاور المنتدى
لوبوان-كتب سفيان رجب
تستعد تونس لأن تكون، يومي 21 و22 نوفمبر المقبلين، مركزا لحدث طبي دولي هام يتمثل في المنتدى التونسي الصيني الإفريقي لتنمية الطب الصيني، الذي يمكن وصفه بالملتقى غير مسبوق تتقاطع فيه ثلاث قوى كبرى: الخبرة الطبية التونسية، والتميز العلمي الصيني، والطموحات الصحية الإفريقية.
هذا المنتدى، المنعقد تحت سامى إشراف رئيس الجمهورية قيس سعيّد، يشكل فضاء استراتيجيا للحوار العلمي والإنساني، حيث تتقاطع الخبرات والثقافات من أجل بناء تصور جديد للطب الإنساني في المستقبل.
وتتمة للتحضيرات المتواصلة لهذا الحدث، انعقد لقاء رسمي يوم الجمعة 7 نوفمبر بين وزير الصحة التونسي مصطفى الفرجاني وسفير الصين في تونس وان لي، بحضور مسؤولين من الجانبين. وقد خصص الاجتماع لبحث الجوانب التنظيمية والعلمية واللوجستية للحدث، الذي سيتضمن ندوات علمية، مؤتمرات متخصصة ومعارض طبية.
ومن المنتظر أن يشارك أكثر من 120 خبيرا وباحثا صينيا في هذا الموعد، إلى جانب وفود إفريقية وتونسية، لمناقشة آفاق التعاون في مجالات الطب التقليدي والعلاجات الطبيعية، وتبادل التجارب حول سبل تطوير الطب التكاملي والبحث التطبيقي في القارة.
كما يتضمن المنتدى توقيع اتفاقيات شراكة استراتيجية بين تونس وجمهورية الصين الشعبية، بهدف تعزيز التعاون في مجالات التكوين والبحث والابتكار الطبي، ودعم المبادرات المشتركة في مجال الطب التقليدي والصناعات الدوائية الطبيعية.
وأكد الوزير الفرجاني في هذا السياق أنّ المنتدى يجسد المكانة الاستراتيجية لتونس كجسر طبيعي بين آسيا وإفريقيا، ويفتح المجال أمام نقل التكنولوجيا والمعرفة في إطار شراكة ثلاثية متوازنة.
من الشراكة الثنائية إلى الرؤية الثلاثية
ويندرج المنتدى ضمن استراتيجية التعاون الصحي الدولي التي أرستها تونس بالتنسيق مع الصين منذ توقيع اتفاقية الشراكة في فيفري 2025، والتي تهدف إلى توسيع التعاون نحو الدول الإفريقية. فالرهان لم يعد مقتصرا على التبادل الثنائي، بل انتقل إلى رؤية ثلاثية متكاملة تقوم على تبادل المعرفة، الابتكار المشترك، وبناء منظومة صحية إفريقية قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
بين الحكمة القديمة والابتكار الحديث
في هذا المنتدى، سيلتقي الطبّان التقليديان الصيني والإفريقي بما يحملانه من موروثات علاجية غنية، مع التقنيات الحديثة في الذكاء الاصطناعي والتشخيص الرقمي والطب الجيني.
هذا التفاعل بين الحكمة القديمة والتكنولوجيا الحديثة يعيد للطب بعده الإنساني الأصيل، حيث ينظر إلى المريض ككائن متكامل لا كحالة سريرية فحسب.
ومن بين المحاور البارزة التي سيركز عليها المنتدى نذكر الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج، الابتكارات في أمراض القلب والشرايين وتكوين كفاءات إفريقية متخصصة، تثمين الطب التقليدي والعلاج بالأعشاب والفيتوتيرابي المبتكرة، حماية السيادة الجينية الإفريقية من خلال تطوير بنوك بيانات بيولوجية مستقلة…
وحسب وزير الصحة التونسي والسفير الصيني، فان المنتدى يعكس وعيا جماعيا بضرورة بناء سيادة صحية إفريقية حقيقية، تقوم على التكوين المحلي والبحث المشترك.
فبعد الدروس العميقة التي كشفتها جائحة كوفيد-19، أصبح واضحا أن القارة الإفريقية تحتاج إلى استقلال استراتيجي في مجالات الدواء واللقاح والتكنولوجيا الطبية، بما يضمن أمنها الصحي واستدامة منظوماتها العلاجية.
تونس جسر بين إفريقيا وآسيا
ومن خلال هذا الحدث، تبرز تونس كجسر حيوي بين آسيا وإفريقيا، ومركز متقدم للحوار الطبي والتبادل العلمي. فبفضل خبرتها الطويلة في النظام الصحي الجامعي، وقدرتها على إدارة الشراكات الدولية، ترسخ تونس مكانتها كمنصة إقليمية للتعاون والابتكار الطبي، وتفتح المجال أمام استثمارات استراتيجية ومشاريع صناعية مشتركة في مجالات الدواء، البيوتكنولوجيا، والتكوين الطبي.
وبالنسبة للصين، وحسب تأكيدات السفير وان لي، يمثل المنتدى منصة دبلوماسية وعلمية متقدمة لتوسيع حضورها في إفريقيا وتعزيز التعاون الصناعي والتقني. أما بالنسبة لإفريقيا، فهو رهان على المعرفة المحلية واعتراف دولي بتراثها العلاجي التقليدي، في إطار رؤية حديثة تجعل من الطب التقليدي رافعة للتنمية المستدامة.
وكان وزير الصحة مصطفى الفرجاني شددّ على أن “الصحة ليست مجرد ممارسة تقنية، بل هي قبل كل شيء مغامرة إنسانية”. وهو ما يؤكد أن منتدى تونس لتنمية الطب الصيني الإفريقي لا يمثل مجرد تظاهرة علمية فحسب، بل هو تجسيد لرؤية إنسانية جديدة للطب، حيث يلتقي العلم بالحكمة، والتكنولوجيا بالقيم، والماضي بالمستقبل في مسار واحد من أجل عالم أكثر توازنا وعدلا وصحة.




