
لوبوان تي ان :
تكاد الحياة في كوريا الجنوبية تتمحور في الأسابيع الأخيرة حول القمة التي تحتضنها مدينة جيونجو يوم الخميس 30 أكتوبر الجاري. هذه القمة سبقتها أشهر من التحضيرات الخفية والتي أصبحت واضحة من خلال رفع درجة اليقظة الأمنية في كل مطارات وموانيء كوريا الجنوبية وخاصة في العاصمة سيول ومدينة بوسان ومدينة جيونجو التي لم يكن اختيارها من قبيل الصدفة بل أراد من خلاله الكوريون الإشارة إلى التجذر التاريخي للأمة الكورية في التاريخ والترويج لموقع سياحي ما انفك يستقطب أعداد متزايدة من السياح من الدول المتقدمة وخاصة من الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
تكفي الإشارة هنا إلى أن مدينة جيونجو تسمى ” متحفا دون جدران ” لأن شوارعها تزخر بالمعالم والقبور الملكية التي تحيل إلى تاريخها كعاصمة قديمة لامبراطورية سيلا وكوريا الجنوبية على امتداد ألف عام.
ويكفي التذكير أن منظمة اليونسكو قد ادرجت ثلاثة من مواقع المدينة ، و من بينها المنطقة السياحية ، على قائمة التراث الإنساني العالمي .
ولا شك أن الماضي لا يفيد كثيرا إلا إذا كان جسرا للمستقبل وهو ما يبدو من الضروري استحضاره سواء في القمة الصينية- الأمريكية المرتقبة أو في أشغال منتدى آسيا- المحيط الهادي الذي تحتضنه مدينة جيونجو أيضا تزامنا مع لقاء ترامب و تشي جينغ بينغ. القمة تجمع بين رئيس دولة يستند إلى إرث تاريخي ضارب في القدم ورئيس دولة تعتبر بمقاييس التاريخ حديثة النشأة علما وأن مقولة ” التاريخ الاستراتيجي” قد أخذت تشق طريقها في الدراسات الاستراتيجية الجديدة.
وأسئلة المستقبل أكثر الحاحا وهو ما يترجمه شعار منتدى ” التعاون الاقتصادي آسيا-المحيط الهاديء ” وهو “بناء مستقبل مستدام : إقامة روابط ، ابتكار ورخاء ” شعار طموح ولهذا أعد خبراء الاحدى وعشرين دولة الذين ينشطون صلب المنتدى دراسات مدققة تهتم بالتعاون الاقتصادي والتحول الرقمي والاليات الكفيلة بتعميم الرخاء وتحويله إلى أمر يتقاسمه أكبر عدد من سكان الأرض وذلك من خلال دعم وتطوير ونشر الابتكار وتشجيع تنمية عادلة وصديقة للبيئة.
منتدى ” التعاون الاقتصادي آسيا-المحيط الهاديء” يضم دولا تساهم في الناتج المحلي العالمي بنسبة 60 بالمئة وهو رقم مهم ويمثل حافزا لتونس لمتابعة مخرجات هذا المنتدى والاستفادة منها .ذلك أن تنويع الشراكات بقدر ما هو ضروري بقدر ما يمكن اثراؤه من خلال الانفتاح على تجارب ناجحة وملهمة وقراءة التحولات العالمية بشكل دقيق لأن تفاصيل هذه التحولات هي أحيانا أكثر أهمية من العناوين الكبرى لأنها تمنحها زخمها وأدوات تطبيقها .
بوسان- آية لعميري
جمعية الصداقة تونس- كوريا الجنوبية




