أراء

في الردّ على النادبين و النادبات و المعدّدين و المعدّدات …تونس دوما نابضة بالحياة ….

بقلم ريم بالخذيري

مهنة “الندّابة” أو “المعدّدة” كانت لا غنى عنها في عدد من الدول العربية ومنها تونس ولا تزال توجد في بعض القبائل العربية و الافريقية جنوب الصحراء. أمّا في تونس فلم يعد لهذه المهنة وجودا. أما من هي “المعددة” أو “الندابة”، فنجد أفضل تعريف لها عند  المفكر المصري أحمد أمين “قاموس العادات والتعابير المصرية”، الذي يعرّف به المرأة التي تمتهن هذه المهنة بأنها “امرأة تُدعى للغناء والعويل في المآتم، وهي تستفسر أولاً عن الميت ومن هو، وعلى أي حال كان، وما فضائله ومزاياه، وتصوغ من كل ذلك كلاماً في تعديدها يثير كوامن النفوس، ولها لسان فصيح وقدرة تامة على الإبكاء، وبعضهن يصحبن معهن الدف، فيثرن بذلك دوافع اللطم على الوجوه”.

في تونس ومنذ أكثر من ثلاث سنوات ظهر جيل من الندّابات و الندّابين و المعدّدات و المعدّدين امتهنوا الندب و اللطم و التباكي ويبدو أنّ ذلك تيار سياسي جديد يجمعهم رغم اختلاف أفكارهم و ايديوليجياتهم.

عن التشابه الشكلي والموضوعي يلاحظ  أنّ هؤلاء يتبعون في تقييمهم “المعددة” أو “الندابة”، من حيث الاستمرار دون انقطاع في العويل والصراخ وافتعال الحزن والبكاء مع ارتفاع أو انخفاض في مستوى هذا الأداء المستمر حسب الحالة و حسب الأجندا التي تملى عليهم. أمّا الفارق الوحيد هنا والمهم، هو أن “المعددة” أو “الندابة” الطبيعية لا تفتعل موت أحد أو تختلق جنازة لكي تمارس مهنتها، أما من نتحدّث عنهم فيختلقون الجنازة وهم لا يبحثون في تونس سوى عن السلبي من النواقص، مبالغين فيه إلى حد افتعال حالة الموت وسياق الجنازة، حتى يمارسوا ندبهم وبكاءهم المفتعلين سعياً وراء هدفهم وهو رسم صورة ظلامية لبلدهم يسوّقوناها لأعدائه و ربّما يقبضون ثمن ذلك.

لا يوجد مجتمع كامل و مثالي و لا يوجد بلد خال من الإنجازات في أي عهد و بالتالي فأي تقييم موضوعي أو نقد يجب أن يراعى فيه هذا الجانب حتى لا يتحول إلى ممارسة طقوس الندب وتعديد المساوئ.

هؤلاء ليسوا منّا وهم غرباء عن التونسي الصبور المتسامح ويمارسون طقوسا أقرب للجاهلية .

نحن ندرك أن بلادنا في هذه الفترة ليست في أفضل حالاتها لكنها أفضل ألف مرّة ممّا كانت عليها قبل أوت2021. والأدلّة كثيرا سواء في الاقتصاد أو التشريع أو التعويل على الذات والسيادة الوطنية.

وكثيرة هي الملفات الاجتماعية العالقة التي لم تنجح أو لم تجرؤ كل الحكومات على فتحها ووجدت طريق الحل اليوم ومنها:

  • رفع سيف قانون الشيكات دون رصيد عن التونسيين رغم النواقص التي شابته حيث حضر فيه الجانب الاجتماعي والإنساني على حساب المالي والاقتصادي وكنا نودّ لو حظي بفترة تجربة أطول وبشرح مفصّل لأبعاده قبل اعتماده.
  • إلغاء قانون المناولة الجائر وهو في حدّ ذاته لم يكن سيئا لكن تكييفه في تونس جعل التخلي عنه أمرا حتميا في انتظار قانون تشغيل بديل.
  • الأمر بانتداب المعلمين و الأساتذة النواب الذين كادوا ييأسون من بلوغ مرادهم لكن حلمهم تحول الى حقيقية و تعتبر أكبر عملية دمج في تاريخ تونس من حيث الكم و النوع (14ألف نائب) ونتمنى أن يتم إدماج الدكاترة المعطلون قريبا.
  • الاستغناء عن قروض صندوق النقد الدولي وتنويع الشراكات التجارية لتونس.
  • اعتماد قانون مالية للسنة الحالية يعدّ متوازنا ويعيد للدور الاجتماعي للدولة بريقه وللاستثمار مكانته الطبيعية.

هذا دون أن نغفل عن الإنجازات الرياضية والعلمية والثقافية لخيرة شبابنا ما يؤكّد أن بلادنا منجم للمواهب وثروتها الحقيقية بشرية لا تنبض.

هذا قليل من كثير مع الأسف يجهله المواطن العادي ويحجبه من تحدّثنا عنهم من أجل سرديّاتهم ولطميّاتهم لترويع الناس وزعزعة الاستقرار.

إننا هنا لا ندافع ولنتحامل على أحد وإنما نشخّص حالة من الإنجاز رغم نواقصها وسياسة اللطميات الغير مستندة سوى على ترّهات.

ويبقى لحكم التاريخ الكلمة الفصل.أما تونس فتبقى دوما نابضة بالحياة. والحاضر والمستقبل لنا وليس لهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى