الشرق الأوسط

في اطار رؤى جديدة.. السعودية تعيد تقييم استثماراتها وتعدّل من أولوياتها

بعد صدور التقرير السنوي لرؤية السعودية 2030، والذي أشار إلى أن 87% من مبادرات الرؤية مكتملة أو تسير على المسار الصحيح، بادرت المملكة العربية السعودية مؤخرا وفي اطار تأكيد نجاح الخيارات والتوجهات الى إعادة تقييم استثماراتها في عدة مشاريع انطلقت فيها منذ مدة وذلك لعدة اعتبارات تتجاوز مجرد التكاليف العالية وتندرج في إطار رؤى واهداف جديدة بما في ذلك مشروع مدينة نيوم العملاق على البحر الأحمر والذي تعتمد عليه المملكة للانتقال بسرعة اقوى نحو عصر التكنولوجيات المتقدمة.

فقد أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يدير أموالاً تفوق 900 مليار دولار، أنه وقع في أوائل شهر أوت الجاري 6 مذكرات تفاهم جديدة مع مؤسسات صينية رائدة للتعاون في مشاريع تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار. تغطي هذه المشاريع قطاعات الزراعة، الصناعة، الإنشاءات، التجارة، التمويل والائتمان. يأتي هذا التوجه في إطار إعادة توجيه استثمارات الصندوق لتحقيق أهداف “رؤية 2030” التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد السعودي المعتمد على النفط.

يذكر أن محمد الجدعان وزير المالية السعودي، كان أشار في ماي الماضي خلال منتدى قطر الاقتصادي، إلى أن الصدمات الاقتصادية من جائحة كورونا إلى الحرب في غزة تدفع السعودية إلى إعادة ترتيب أولوياتها الاقتصادية عبر منح الإصلاحات المزيد من الوقت يمكن أن يكون أفضل للاقتصاد السعودي مع دفع اكبر للقطاع الخاص حتى يعمل الى جانب القطاع العمومي.

 

جديد مشروع “نيوم”

وتتضمن إعادة ترتيب الأولويات إعادة النظر في حجم وسرعة تمويل بعض المشاريع المستقبلية ذات التكاليف العالية مقابل فائدة قليلة. ويبدو أن المسؤولين السعوديين لاحظوا صعوبة التمويل رغم ارتفاع عائدات النفط وخصخصة جزء من شركة أرامكو العملاقة وبيع السندات الحكومية، حيث تقدر حصيلة الخصخصة وبيع السندات وحدهما بنحو 50 مليار دولار.

هذا الخيار، بالتأكيد ستكون له انعكاسات على المشاريع القائمة والمستقبلية على غرار مشروع “مدينة نيوم” العملاق لريادة الأعمال والصناعة والابتكار ومشروع “البحر الأحمر” للسياحة.

ويُعد مشروع “نيوم” من بين المشاريع الرائدة التي وضعتها المملكة في المدة الأخيرة والتي تعتمد عليها من اجل نقلة نوعية اقتصادية واجتماعية وعقارية، حيث يتضمن بناء مدينة على امتداد 170 كيلومترًا باسم “ذا لاين” تستوعب مليون ساكن بحلول عام 2030 وتسعة ملايين بحلول عام 2045. إلا أن تقريرًا لوكالة “بلومبيرغ” في أفريل الماضي أشار إلى أن التوقعات المعدلة تتوقع أن يعيش 300 ألف شخص فقط في المدينة بحلول نهاية العقد، مع تنفيذ 2.5 كيلومتر فقط من المشروع حتى ذلك الحين.

 

تعزيز التعاون مع دول شرق أسيا

تعزز السعودية استثماراتها في دول شرق آسيا، خاصة الصين، حيث توسع استثماراتها المشتركة مع الشركات الصينية في مختلف المجالات. وقعت الشركات الصينية والسعودية خلال العامين الماضيين اتفاقيات استثمار بقيمة تزيد على 60 مليار دولار. وخلال زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية في ديسمبر 2022، وقع البلدان اتفاقية شراكة استراتيجية تشمل التعاون في قطاعات الطاقة، تكنولوجيا المعلومات، الخدمات السحابية، الصناعات الطبية، والإسكان والبناء. تشير التقارير إلى زيادة ملحوظة في الاستثمارات السعودية في الصين، خاصة في مشاريع الطاقة والبنية التحتية والبتروكيماويات. من الأمثلة البارزة على ذلك مشروع “أرامكو” لبناء مجمع لتكرير النفط في مقاطعة لياونينغ الصينية بتكلفة تصل إلى نحو 10 مليارات دولار. بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والصين أكثر من 100 مليار دولار خلال عام 2023، مما يعكس شمولية وآفاق العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

ويركز التعاون الصيني السعودي على المشاريع المشتركة التي تعزز فرص الإنتاج والصناعات التحويلية في كلا البلدين.

هذه الخيارات والتوجهات المعدلة للسلطات السعودية من شانها ان تعطي دفعا ونجاحا اكبر لرؤية المملكة 2030 وهو نجاح بدأ يلوح في الأفق من خلال المنجز لحد اليوم وما سينجز في السنوات الست القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى