أحداث

فيما يحتفل متلاعبو “وول ستريت” بانتعاش سوقهم: 40 مليون عاطل عن العمل و1,327,000 مصاب و 79,000 وفاة وبنوك الطعام تفتقد سلعا اساسية

لوبوان تي ان :

ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة من أقل من 4 في المئة في شهر فيفري الماضي إلى 14.7 في المئة في أفريل الماضي بعد فقدان أكثر من 20 مليون وظيفة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، طبقا للأرقام الرسمية التي أصدرها مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة. غير أن هذا الرقم يجافي الحقيقة إذ أن معدل البطالة الحقيقي لا يقل عن 20 في المئة . ويقدم مكتب إحصاءات العمل تفسيره لذلك بالقول “ليس كل العمال أجابوا بدقة على سؤال حول وضعهم الوظيفي. بعض الأشخاص الذين لم يكونوا يعملون بالفعل ولكنهم ما زالوا يعتبرون أنفسهم على أن لديهم وظيفة لم يتم اعتبارهم عاطلين عن العمل. مثل العمال الذين جرى الاستغناء عنهم مؤقتا. لذلك لو أجاب هؤلاء العمال على الاستطلاع الشهري الذي أجرته الحكومة بشكل صحيح ، فإن مكتب إحصاءات العمل يقدر أن “معدل البطالة الإجمالي سيكون أعلى بنحو 5 نقاط مئوية عما تم الإبلاغ عنه”.أي نحو  20٪ من القوى العاملة في البلاد عاطلون عن العمل في الشهر الماضي. بشكل غير رسمي. وهو نحو ضعف الرقم القياسي السابق البالغ 10.8 في المئة في عام 1982 أو أعلى مستوى للبطالة خلال فترة الركود الكبير في 2007-2009 حيث شهد شهر نوفمبر/تشرين ثاني 2008 فقدان 533 ألف عامل وظائفهم.

ويذكر أن الحكومة الأميركية بدأت في نشر أرقام ابطالة الشهرية بعد الحرب العالمية الثانية، وتم الاحتفاظ ببعض السجلات منذ أوال القرن العشرين، لكنها لم تكن كاملة وشاملة. وتعتبر أرقام البطالة الحالية هي الأعلى منذ فترة الكساد العظيم في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، إذ يقول المؤرخون الاقتصاديون إن أعلى مستوى للبطالة في التاريخ الأميركي حدث في فترة الكساد الاقتصادي العظيم في عام 1933 حيث اشارت التقديرات في ذلك الوقت إلى أن معدل البطالة بلغ ذروته عند نحو 25 في المئة وهي أسوأ فترة امتدت لعقد كامل وكانت الدافع الحقيقي وراء قرار الرئيس الأميركي روزفلت الاشتراك في الحرب العالمية الثانية رغم معارضة الكونغرس آنذاك.

يعتمد تقرير مكتب إحصاءات العمل الذي صدر يوم الخميس الماضي على تقديرات محسوبة خلال منتصف الشهر الماضي ، لذلك لا يأخذ في الاعتبار ملايين الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية. وقد قدم حوالي 33.5 مليون عاطل عن العمل طلبات إعانة منذ بداية عمليات الإغلاق الحكومية والفدرالية قبل سبعة أسابيع. ووفقًا للتقرير، فقد 6.4 مليون عامل إضافي وظائفهم  بالكامل ولا يتم احتسابهم كعاطلين عن العمل ، مما جعل معدل مشاركة القوة العاملة إلى أدنى مستوى له منذ عام 1973. وذكر 11 مليون عامل آخر أنهم يعملون بدوام جزئي لأنهم لم يتمكنوا من العثور على عمل بدوام كامل ، بزيادة قدرها 7 ملايين شخص منذ ما قبل جائحة فيروس كورونا المستجد.

وفي حال أخذ جميع العوامل بعين الاعتبار فإننا نصل إلى نتيجة مفادها أن ثلث القوة العاملة في الولايات المتحدة أصبحت الآن خارج العمل. وقد أصابت البطالة الجماعية جميع قطاعات العمل بالضرر. وكانت العمالة في قطاع الترفيه والفنادق والمطاعم هي الأكثر تضررا، حيث انخفضت بنحو 50 في المئة ، أو 7.7 مليون شخص. كما خسر نحو 2.1 مليون عامل وظائفهم في قطاع الخدمات التجارية والمهنية، و 2.1 مليون في تجارة التجزئة، و 1.3 مليون في التصنيع و 1 مليون في قطاع البناء والتشييد.

وبحسب تقرير لمجلة فوربس الأميركية يوم الخميس الماضي يوجد الآن 40.6 مليون عاطل عن العمل في الولايات المتحدة، أو 24.9 في المئة من القوة العاملة. ويتوافق ذلك مع أسوأ عام من الكساد العظيم دون التفكير في عدد الذين لم يتمكنوا من تقديم ملفات طلبات الإعانة.

والأمر المذهل أنه وسط تفشي جائحة فيروس كورونا فقد جرى خفض العمالة في قطاع الرعاية الصحية، حيث تم الاستغناء عن خدمات 1.4 مليون عامل في هذا القطاع، وتحت ظروف أزمة اجتماعية هائلة جرى الاستغناء عن خدمات نحو 650 ألف عامل في قطاع المساعدة الاجتماعية. وعلاوة على ذلك، يشير التقرير إلى أن البطالة الجماعية أثرت على العمال من الجنسين. وارتفع معدل البطالة بين الرجال البالغين إلى 13 في المئة والنساء البالغات إلى 15.5 في المائة والمراهقين إلى 31.9 في المئة. وبلغت في أوساط العاملين البيض 14.2 في المئة و 16.7 في المئة للسود ، و 14.5 في المائة للآسيويين ، و 18.9 في المائة لمن ينحدرون من أصول أميركية لاتينية.

وعلى الرغم من توصيف عدد كبير من خفض الوظائف بأنها مؤقتة إلا أن في حين يتم تصنيف عدد كبير من التخفيضات في الوظائف على أنها “مؤقتة”، إلا أن الوقائع تشير إلى أنها ستكون دائمة حيث تعمل الشركات إلى البدء في تنفيذ تسريح جماعي للعمال العمال الجماعي. فقد اشار التقرير إلى فقدان مليوني وظيفة بشكل دائم في الشهر الماضي. وهذا، بمفرده ، سيكون أكبر زيادة في البطالة في التاريخ الأميركي بعد الحرب العالمية الثانية.

ويذكر أن عشرات الملايين من العمال يعيشون على ما يتقاضونه شهريا ويعتمدون على بطاقات الائتمان وغيرها من أشكال الديون لتعويض الفرق بين دخلهم ونفقاتهم. وارتفع ديون الأسر في الولايات المتحدة بنسبة 1.1 في المئة في الربع المنتهي في 31 مارس الماضي، لتصل إلى 14.3 تريليون دولار، وهو رقم قياسي جديد. وهذا الرقم لا يأخذ بعين الاعتبار تراكم الديون على عشرات الملايين من الناس مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في إبريل/نيسان و ومايو/أيار الجاري.

ونظرا لعدم وجود مدخرات أو مساعدة حكومية، يتجه العمال بأعداد قياسية إلى الحصول على مساعدات غذائية مما يسمى “بنوك الطعام” والتي بدورها بدات تفتقد إلى السلع الأساسية. وطبقا  لتقرير صادر عن مشروع هاميلتون الأسبوع الماضي فإن 41 في المئة من العائلات التي لديها أطفال تحت سن 12 عامًا تعاني من انعدام الأمن الغذائي – أي أنهم غير قادرين على الحصول على ما يكفي من الطعام.

والأخبار التي ترد تباعا تقول أن عددا من الولايات الأميركية بدأت تعد إلى إعلان إفلاسها والبدء في تنفيذ تدابير التقشف القاتلة. واشار تقرير أصدره معهد السياسة الاقتصادية في وقت سابق من هذا الشهر أن 50 في المائة من الناس عاطلين عن العمل أكثر من الذين تمكنوا من التقدم بطلب للحصول على إعانات البطالة – نتيجة أنظمة التطبيقات المثقلة بالقيود المرهقة. وعديد الملايين الذين تقدموا للحصول على مزايا لم يتلقوا أي شيء.

وعلى الرغم من اشتداد الكارثة الاجتماعية فإن حكومة الرئيس دونالد ترامب تزعم أن الوظائف التي فقدت “ستعود وستعود قريبا” وقال كبير مستشاري ترامب الاقتصاديين لاري كودلو يوم أمس الجمعة “نحن لسنا في عجلة من أمرنا” لتمرير مشروع قانون من شأنه أن يقدم بعض المساعدة” مشيرا إلى أن المحادثات بشأن المزيد من إجراءات التحفيز تجري بهدوء.

وعلى المقلب الآخر فقد ساهمت حكومة ترامب-باستغلال جائحة فيروس كورونا لتنظيم تحويل تريليونات الدولارات إلى الأسواق المالية من خلال الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي). وارتفع إجمالي الأصول في الميزانية العمومية للبنك المركزي الأميركي الأسبوع الماضي من أقل من 4 تريليون دولار قبل تفشي الوباء إلى أكثر من 6.7 تريليون دولار، ينفق الاحتياطي الفيدرالي كل يوم 80 مليار دولار لشراء الأصول من البنوك والشركات لدعم صعود سوق الأوراق المالية (وول ستريت) الذي شهد مع إغلاق التعاملات اليومية يوم أمس الجمعة ارتفاعا بـ 450 نقطة أو نحو 2 في المئة. وقد احتفل المتلاعبون بسوق المال بهذا الانتعاش في الوقت الذي يزداد فيه البؤس الاجتماعي بسبب جائحة فيروس كورونا وزيادة أعداد المصابين به إلى نحو مليون و 327 ألف شخص ووفاة نحو 79 ألف شخص فيما ذكر ترامب أن الوفيات قد تصل إلى 100 ألف.

واشنطن-محمد دلبح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى