فلسطين: التحرير قادم رغم قتامة المشهد
"التسونامي الدبلوماسي" ... يدفع كيان الاحتلال الى العزلة ويقربه تدريجيا من وضع نظام الميز العنصري لجنوب افريقيا في آخر ايّامه"

“الطوفان … قد لا يوقفه الا حل واحد: “دولة لا- دينية ديمقراطية” طبقا لمثال جنوب افريقيا…لان الواقع لم يعد يحتمل أي سيناريو للتقسيم قابل للحياة”
بقلم: أ.حامد بن ابراهيم
استشاري في العلاقات الدولية
المسار التاريخي لصعود الغرب والمراحل التي مرت بها مراكمَةُ قوته، تُوّجت بمشروع النظام الاستيطاني في فلسطين. الكيان الناشئ، وحّد أطرافا ليست بالضرورة متجانسة في منطلقاتها، فمنها من يحرّكه الثأر العقائدي من المسيحيين الشرقيين ومن المسلمين، ومنها من تحركه الاطماع في ثروات المنطقة؛ والأخطر هم الذين تحركهم المسيحية الصهيونية، التي لا تتردد في القضاء على اليهود والمسلمين والمسيحيين الشرقيين مجتمعين، كقربان لعودة المسيح المخلّص حسب معتقدهم المشوّه.
ولم تكن السيطرة على فلسطين في بداية القرن الماضي إفرازا حِقَبِياًّ، وانّما عملية استئناف لمشروع تاريخي سابق بتبريرات جديدة. فالتأريخ لجذور القضية الفلسطينية، ينطلق اجحافا من مؤتمر كامبل بارنمان الاستعماري لسنة 1907، أو وعد بلفور في 1917، أو من قرار التقسيم في 1947، أو من إعلان قيام الدولة في 1948، وفي أقدم الافتراضات من مؤتمر الحركة الصهيونية ببازل في 1897. القضية لها علاقة بصراع الشرق الابدي مع الغرب، ويمكن ارجاعها لسعي روما -أُمُّ الغرب- لاستعادة أمجادها في الشرق، وإلى قرار البابا اوربان الثاني في 1095 “استرجاع اورشليم”. هذا بقطع النظر عن السبب، إن كان اعادة حق الحج للمسيحيين بعد تراجع السلاجقة عن عهد سابق بضمانه، أو لأن أوروبا قررت الرجوع لخيرات مستعمرات روما السابقة. فحملات الفرنجة (البعض يفضل خطأ الصليبية) في نهاية القرن الحادي عشر، كانت عدوانا غربيا على الشرق، ولم تستهدف حصريا المسلمين. ومعلوم ان الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية تعرضت لاستعداء الغرب الكاثوليكي بعد ان تأكدت القطيعة لأسباب لاهوتية سنة 1054. فالبابا، مُشغِّل المَلكيَّات الاوروبية، أدرك بعد قرنين من انتهاء الحملات الإفرنجية في 1291، أن سيطرة السلاجقة على الأناضول والقسطنطينية تُحتِّم استرجاع القدس من جهة الغرب. وللأسف تحققت هذه الرؤية، ولو على مراحل طويلة، بسبب تفكك قوى الشرق ودخولها مرحلة إبطال العمل بالعقل، وتحوّلِ منظومة الحكم تحت العثمانيين الى كيان ديني توسُّعي دون مشروع حضاري حقيقي.
فبعد ثمانية قرون من العُلوّ الحضاري الشرقي، سقطت غرناطة سنة 1494 وبدأت بذلك الانتكاسة الشرقية؛ وبضياع الاندلس قُضي على نموذج للتعايش العقائدي الكتابي بتفريعاته القرآنية والإنجيلية والتوراتية. ومن بداية القرن السادس عشر أحدثت روما توازنا مقابل خسارة الشرق، باستعمار امريكا وابادة سكانها الأصليين تحت شعار “أرض الميعاد تُنادِي”؛ وسعت لتكريس وِحْدانية القداسة والغلبة للغرب. وبالفعل تَمكّن الغرب الصاعد، المتمثل في اسبانيا والبرتغال وإنڤلترا وفرنسا، من التمدد في كل أنحاء المعمورة؛ واستُعمِرت كل الامم سليلة الحضارات العريقة، كالإسلامية والزردشتية والبوذية والكنفوشية وحضارات جنوب أمريكا. وقد شكّل اتفاق ڤاستفاليا لسنة 1648، الأساس السياسي لصعود الغرب، وعززه نفٓسُ الثورة الفرنسية التحرٌُري، ثم استقلال امريكا عن التاج البريطاني. وكان أوجُ القوة بعد الحرب العالمية الثانية، عند استلام الولايات المتحدة الامريكية قيادة الغرب، فأصبحت تُطْبِق على العالم بالنظام المالي الدولاري-الذهبي؛ ثم تحولت امريكا لمتحكِّم في ارزاق الشعوب بنظام السّْوِيِفت، باستعماله لتسليط العقوبات رغم غياب أي طابع قانوني متعدد الأطراف ينظمُه. هذا السياق التاريخي، لا بد ان يكون دائم الحضور في الذهن عند تحليل الوضع في منطقة الشرق الأوسط، كي لا نقع في السطحية وفي الاجتزاء الذي يمنع فهم المنطلقات وتحديد المآلات بشكل صحيح.
وبعد هذا التقديم، الذي حاول وضع القضية في سياقها التاريخي والذهاب اعمق من الجزئيات الحَدَثِيّة اليومية، يمكن المرور لعرض نقاط مفصلية تسمح بالقول او الجزم بان “تحريرها كاملا ممكن”، بل “قد بدأَ” على حد تعبير الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي:
- مشروع إسرائيل الكبرى سحر قد ينقلب على الساحر
قد يكون مفاجِأً للبعض مجاهرةُ نتنياهو بمخطط إسرائيل التوسعي ومشروع إسرائيل الكبرى، لكن الامر ليس بجديد فهو مُعلن في عَلَمِ هذا الكيان. وليس لإسرائيل في تشريعاتها أي تنصيص على حدود، ولا تعترف بالقرار عدد 181 لسنة 1947 للجمعية العامة الذي تأسست بموجبه. والوثائق الوحيدة، التي تُلزم إسرائيل قانونيا بحدودٍ، هي اتفاقاتها مع مصر والأردن؛ وحق القول هنا رب ضارة نافعة. أما مع سوريا وباتجاه العراق فالحدود رخوة ومطاطية؛ وخط هدنة 1949 مع لبنان غير مثبّتٍ في اتفاق نهائي، وحتى الحدود البحرية يمكن الانقلاب عليها بإفراغها من آثارها بمنع لبنان من استغلال الثروات الطبيعية من غاز ونفط. ويمكن القول ان إسرائيل تستفيد من غياب الالتزامات القانونية التي قد تمنعها نظريا من التمدد الجغرافي، الا انها تخاطر بانقلاب السحر على الساحر. فمع تغيُّر موازين القوى في الإقليم وفي العالم، وتراجع قدرة الغرب على توفير حماية عملياتية لإسرائيل بالقتال مباشرة معها، لا شيء يمنع ان تضطر للتراجع الى حدود 1967 او حدود 1947 التي ستبقى الأساس القانوني الدولي الأصلي لإحداث الكيان. اما التفوق الديمغرافي للجوار العربي وسهولة التسلح بالمسيرات والقدرات السّيبرية، فيمكن ان يحُدّ مستقبلا من مفعول التفوق الجوي للكيان ويجبره على الانكماش الجغرافي، خلافا لطموحات المتطرفين المسيطرين على المشهد في هذه المرحلة.
- 1994: سنة انطلاق التحرير
البعض يَقرنُ سنة 1994 بضياع القضية الفلسطينية لارتباطها بأوسلو وما رافق الاتفاق من تنازلات، الا ان أوسلو كانت ورقة الإنقاذ الأخيرة التي لعبها رابين لحل الدولتين. ومن مفارقات الدهر، قُتل رابين الذي كان „آخر حكيم” في الكيان لسعيه تجنب مصير نظام جنوب افريقيا الذي نقترب منه فعليا في العشرية القادمة، رغم هولِ ما نشاهده في غزة والضفة. اماّ الشهيد عرفات الذي خَبِر النضال من الأردن ولبنان ومن الشتات عموما، فقبِل بأوسلو لقناعته ان “تحريرها كاملا” لا يكون الا من منصة داخلية، أي بكيان دولة ومسالة الحجم تفصيل ثانوي. وكل ما يجري منذ ثلاثين سنة في فلسطين، ليس الا مخاض التحرير او “وجع ولادة النهاية”.
فالقدرة على تحرير فلسطين، حُسمت سنة 1994 عندما قامت إسرائيل بخطأ استراتيجي بإبعادها لناشطين فلسطينيين الى مرج الزهور بجنوب لبنان. الإبعاد وفَّر للقادة والنشطاء فرصة اللقاء مع الحرس الثوري الإيراني وعناصر حزب الله اللبناني، وما بقي في لبنان من اليسار الفلسطيني الذي لم يغادر في 1982. تفاعُل حماس والجهاد الإسلامي، كحركات إسلامية سُنّية مصبوغة بالأدبيات الاخوانية، مع قوى المقاومة في لبنان حولهم إلى حركات تتبنى مفهوم المظلومية، دون التشيّع او “الاستبصار” بتعبير الامامية الجعفرية. خطأ إسرائيل القاتل، كان رمْيُ الفلسطينيين في أحضان فصائل جهادية شيعية؛ مما فَتح أُفُقهم الفكري والعقائدي على ما يُعرف عند الشيعة “بنهج الحسين الافتدائي”. كان مخيّم مرج الزهور، بِلُغةِ مُبرمجي الحواسيب، إعادة برمجة Reset)) على المقاومة دون التفكير في المردود، والزهد في الجزاء في الدنيا واحتقار التشريف والجاه والوظائف. رَجعَ جيلٌ الى فلسطين، من ضمنه الشهيدين الرنتيسي وإسماعيل هنية، وقد تحوّل الى سُنّةٍ “لا- دنيوية” تخلصت من شوائب عقلية الجماعة الاخوانيّة، وتسعى للتحرير ونصرة المستضعفين مهما كان انتماؤهم. هذا الأُفق الفكري الجديد، وفّر إمكانية التفاعل على قاعدة الالتقاء الجبهوي، مع شخصيات شيعية ومع الفصائل اليسارية والوطنية عقائدية او علمانية مسلمة كانت او مسيحية.
وقد تطلّب التوصل لهذه القراءة، متابعة طويلة لأداء الفصائل الفلسطينية، ومقارنتها بتجارب الاخوان في الجزائر وتونس والمغرب ومصر والسودان. ومن بين مَن اهتدى لنفس الربط في محاولة تفسير سر علاقة حماس والجهاد مع حزب الله وإيران رغم الاختلاف المذهبي، المحلل السياسي والإعلامي الفلسطيني بقناة الميادين الأستاذ كمال خلف.
- سياسة السجون الإسرائيلية اصابت الكيان في مقتل
شكّل أَسرُ سمير القنطار – شهيد لبناني درزي يساري تشيّع في السجن- لعقود مع مناضلين فلسطينيين، وجَمْعُ يحيى السنوار مع نبيه معاوضة – مناضل من جنوب لبنان-، لخمس سنوات بسجن عسقلان، الضربة القاضية للكيان الصهيوني. هذه اللقاءات، فَتحت نافذة إِطّلع من خلالها السنوار ورفاقه على أفكار خلّصتهم من قيود العشيرة والجماعة والفرقة والمذهب. فرصُ التواصل خلال المحكوميات، كانت بمثابة لقاء مع المناضل الاممي تشي غيفارا الذي قال: ” أنا لا وطن لي أقاتل من أجله، بل وطني هو الحق، أقاتل من اجله في كل مكان”. السنوار والكثير من رفاقه، سمعوا من اليساريين أن المقولة ليست مستلهمة من مُنظّر أو مفكر ماركسي شيوعي، وانما ترجمة تشي غيفارا للكربلائية ولملحمة الحسين. وبالفعل، الدارس للسّير الذاتية لغيفارا وغاندي يقف على انبهارهما بملحمة كربلاء التي ألهمتهما حب العطاء والتضحية.
دمج الاسرى مع نزلاء من دول الجوار، أصاب الكيان في مقتل، فقد فتح افقهم على العمل الجبهوي، خاصة عندما عاشروا شيوعيين وقوميين عروبيين وعناصر من فتح وفي صفوفهم مسلمين دروز وسنة وشيعة ومسيحيين أرثودوكس وكاثوليك وموارنة. فالجميع نشأوا في مجتمع تمتزج فيه الخلفيات العقائدية وتلتقي جبهويا في وجه العدو المشترك. جيلُ ما قبل الحرب الاهلية اللبنانية العروبي اليساري، يعرفُ معنى الفداء من الادبيات الاسلامية من خلال ملحمة الحسين ومن قصة المسيح عليهما السلام. ومحاولات إسرائيل زرع الفرقة بين الفصائل الفلسطينية على أساس التّدين والعلمانية، فشلت باطلاع الاسرى عبر اللبنانيين بمختلف عقائدهم، عن تجربة الامام موسى الصدر في تثبيت معنى الشراكة في الوطن، وفلسفته في اعتبار “الطوائف رحمة والطائفية نقمة”. فبالنسبة لليسار اللبناني، الذي دخل السجون الإسرائيلية، كان الصّدرُ في نظرهم تشي غيفارا معمم بالسواد، وقُربه من اليسار أساسه حب الفقراء والوقوف ضد الظلم والاستعمار. تجربة السجن هذه، سهلت العمل الجبهوي في الحركة الاسيرة وفي تسيير غزة لاحقا، خاصة بتفاهمات عرفات والشيخ ياسين، وألهمت السنوار ليقول عند إطلاق ملحمة طوفان الأقصى “لتكن كربلائية”، وهو مدرك للمخاطر وثِقل الاثمان التي قد تُدفع في سبيل تعديل بوصلة التاريخ وتوجيه مساره نحو الحق.
4. مؤشرات الاهتزاز في قدرة الكيان على الصمود
يبدو المشهد مرحليا مخيبا للآمال من شدة المآسي وارتفاع ضريبة الدم التي يدفعها العّزل والأطفال والنساء والشيوخ، ورغم المعاناة يجب ان لا تُحبط العزائم، بقطع النظر عن قتامة الصورة خاصة في غزة ولبنان واليمن وسوريا. فالأحداث تجري حاليا ضد مصلحة الكيان، والدليل يبرز على الأقل من خلال ما يلي:
– تزايد عدد الدّول التي تعلن اعترافها بدولة فلسطين ورمزية ” التسونامي الدبلوماسي” الذي يدفع كيان الاحتلال الى العزلة ويقربه تدريجيا من وضع نظام الميز العنصري لجنوب افريقيا في آخر ايّامه.
– عدد الشخصيات اليهودية التي تدافع عن غزة وتتبرأ من جرائم الاحتلال. ويكفي اتهام النائب الأمريكي ساندرس لإسرائيل رسميا بارتكاب جريمة إبادة جماعية موصوفة. هذا تطور لافت لم يكن متاحا في السابق، إذ نتذكر جيدا ما تعرضت له شخصيات اكاديمية في الثمانينات مثل روجي غارودي، والمضايقات التي تُسلط على المؤرخ ألَان بابي لمنعه من مواصلة التشكيك في جدية مرتكزات المشروع الصهيوني.
– دفعُ إسرائيل للدول الخليجية لتنويع تحالفاتها. فسعي السعودية لإيجاد أرضية للتواصل مع إيران، واتفاق الدفاع المشترك الباكستاني السعودي، والتقارب المصري الإيراني بمباركة خليجية، كلها نقاط ستؤدي لردع إسرائيل ولتَراجعها كقوة ساعية للسيطرة في المنطقة.
– وضوح المؤشرات على الاهتزاز المجتمعي داخل الكيان الإسرائيلي، وستَظهر آثاره تصاعديا في الازمات السياسية، التي ستُفكِّك على المدى المتوسط والبعيد وحدة منظومة الحكم وهياكل القيادة والتسيير.
– تراجع سطوة الامبريالية الغربية على الاعلام، بفضل التحرر الاتصالي عبر قنوات التواصل الاجتماعي، سيسمح بِربحِ معركة الراي العام المحوريّة في تغيير السياسات الخارجية للدول الغربية، خاصة في تلك التي يُعاقَب حكامها او يُجازوا دوريّا عبر الانتخابات.
وختاما، ان التجارب التاريخية التي خاضتها الشعوب من اجل التحرر كانت دائما ملحميّة من حيث طول المسار التحرري وتضحيات المقاومين، وما تشترك فيه قصص الانعتاق من الاستعمار والاستعباد والظلم في كل ارجاء المعمورة، هو اتفاق مجموعة مؤمنة بقضيتها على توصيف بنيوي صحيح للصراع والتخطيط التكتيكي والاستراتيجي الناجح للتعامل مع مسار النزاع. والاهم الوثوق من النصر، ووضع رؤية عملية لإدارة المواجهة تراعي موازين القوى والتحالفات والاثمان التي يمكن دفعها. ويقتضي الصراع العربي الصهيوني، الذي تدور أشرس حلقة فيه في فلسطين، عمليةَ تأمّلٍ مفهومِيّةٍ حول أصل الصراع وحقيقةِ الأعداء؛ للتمكن من توصيف الحلول وتحديد الآليات الضرورية لتحقيقيها، بشكل موضوعي يتماشي مع السياقات التاريخية والتوجهات المستقبلية، التي تتكشّف ملامحها في الإقليم وفي العالم.
ولا بد في هذه المرحلة، ان يتخلص النضال الفلسطيني خاصة تواصليا، من الثنائية الإسلامية اليهودية، ويركز على التنوع العقائدي الشرقي المستهدف من مشروع الحركة الصهيونية. وعلى الفلسطينيين والعرب واحرار العالم، حشد التضامن العالمي بالتركيز على ثنائية مقاومة الاستعمار والآبارتايد، فهذه مضامين تُحرك الانسانية بقطع النظر عن الخلفيات الاثنية او العقائدية. و”الطوفان” كما تسميه المقاومة الفلسطينية، يستفيد من جنون العظمة وحماقات قادة الاحتلال، وسيؤدي الى واقع أمني جديد في المنطقة، قد لا يوقفه الا حل واحد: “دولة لا- دينية ديمقراطية” طبقا لمثال جنوب افريقيا. وكل محاولات الإنقاذ الغربية، من خلال حل الدولتين قد تفشل، لان الواقع لم يعد يحتمل أي سيناريو للتقسيم قابل للحياة.
أ.حامد بن ابراهيم استشاري في العلاقات الدولية