لوبوان تي ﺁن ꞉
أثارت زيارة ولي عهد السعودية إلى تونس ردود فعل متبيانة اغلبها يتجه في منحى رفض هذه الزيارة وذلك تنديدا بجريمة مقتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي والتي وجهت أصابع الاتهام فيها إلى ولي العهد في المقابل هناك من المحللين من اعتبر رفض هذه الزيارة من هذه الزواية يعد تدخلا في الشأن الداخلي السعودي وانه على تونس أن تناى بنفسها عن هذه التجاذبات وتسعى دائما للحفاظ على مصالحها الإستراتيجية وان يكون شعار التونسيين تونس أولا وفوق كل الاعتبارات وهذا ماعبر عنه الخبير في الجماعات الارهابية غازي معلا الذي وجه رسالة لمعارضي زيارة سلمان إلى تونس اشاد ضمنها بسياسة الرئيس الامريكي ترامب في التعامل مع جريمة قتل الصحفي جمال الخاشقجي وكيفية تعامله مع المسالة وكيف انه أعطى الاولوية لمصالح الولايات المتحدة القومية والاستراتجية فرغم انه استنكاره الجريمة الا لم يقاطع السعودية ولم يقحم نفسه طرفا وهذا حرفيا نص الرسالة ꞉
حسنا فعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب حين نأى ببلاده عن مسألة ضلوع ولي عهد المملكة العربية السعودية في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي من عدمه، إلتزاما منه بسياسة “أمريكا أولا” والتي تعطي الأولوية في الأمور كلها لمصالح الولايات المتحدة القومية والإستراتيجية. فعلى الرغم من فداحة الجريمة المقززة، لم يكن المغدور مواطنا أمريكيا كما ان مصرعه لم يمس المصلحة القومية لأمريكا. بل ان العكس كان سيكون فيما لو تنطحت الولايات المتحدة لتكون شرطي العالم على حساب مصلحتها
صحيح أن المملكة العربية السعودية اعترفت بضلوع مواطنين من تابعيها في الجريمة النكراء، كما أنه صحيح أن وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية “رجّحت” أن يكون ولي العهد السعودي هو من أمر بالجريمة، ولكن الوكالة المذكورة لم تتوصل الى الجزم بمسؤولية الحاكم الفعلي للمملكة عن الجريمة بل هي بنت ترجيحها على فرضية أنه من المستبعد أن يحصل أمر في هذا الحجم دون علمه. إذن، ليس ثمة دليل قاطع بل مجرد استنتاج مبني على تكهنات يبقى أنه حتى لو وُجِد الدليل القاطع، فكيف يمس ذلك مصالح أمريكا؟ فلو كان القتيل مواطنا أمريكيا لكان الأمر سيكون أكثر حرجا للرئيس ترامب ولكنه، ومع احترامه للكثير في ماضيه، كان مقيما في الولايات المتحدة الأميركية لكن لا حقوق له على أمريكا ولا مسؤولية لها عنه.
تستطيع أمريكا أن تستنكر الجرائم حيث وجدت، وهي استنكرت مقتل خاشقجي، ولكن إن كانت ستقاطع كل دولة تقوم بالمنكر وإن كانت ستلبس شرطي العالم لتَوجَّب عليها مقاطعة تركيا حيث يحاضر رئيسها إردوغان في العفة على الرغم من سجله الحافل في كبت الحريات وفي المس من حقوق الإنسان. كما كان يتوجب عليها مقاطعة عدد واسعة من حكام العالم، وبذلك تدخل في عزلة ضد مصالحها
معالجة ترامب للجريمة اتخذت طابعا فجّا وصريحا لم نعتد عليه على لسان قادة الدول، ولكنها كانت معالجة مصيبة. لم يختبئ ترامب وراء إصبعه ولم يكتفِ بالإشارة الى النأي بالنفس بل فنّد بصريح العبارة المصالح الإستراتيجية التي حتّمت عليه النأي بالنفس من صفقات دفاعية وتجارية وفرص عمل للشعب الأميركي والدورين المحوريين اللذين للمملكة العربية السعودية في احتواء إيران وفي دفع عملية السلام في الشرق الأوسط قدما. لم يعفِ المملكة ولا حاكمها من المسؤولية بالضرورة، إذ صرح أن “ولي العهد قد يكون على علم مسبق بالجريمة أم لا” ولكنه تخطى ذلك ليصل إلى خلاصة أن ذلك لا يعني بلاده وأنه لن يجازف بالمصالح الإستراتيجية والجيو – سياسية الإقليمية من أجل مواطن أجنبي كان مقيما في بلاده.
ترامب ليس سياسيا تقليديا، وهو يقول صراحة ما يختلج في صدره، وهو أمر لا نشهده بالعادة. ولكنه، وعلى الرغم من مآخذ عدة للكثيرين عليه، وأنا منهم، قد أصاب هذه المرة.
أرجو ألا يفهم مما سبق أنني أُقلل من حجم الجريمة التي لا مبرر لها إطلاقا وفق أية معايير ذهب ضحيتها كاتب معروف، فما حدث هو جريمة موصوفة يندى لها الجبين، ولكنني أشارك الرئيس ترامب إيلاء المصالح القومية على رفع السبابة في وجه شريك استراتيجي لم يمس في تلك المصالح. كما انني لن أنساق مع معارضي ترامب في جعل مقتل المغدور جمال خاشقجي قميص عثمان للإنقضاض على الرئيس في حين يتغاضون عن فظائع إسرائيل في غزة وعن نحر حقوق الإنسان في تركيا على سبيل المثال لا الحصر.
ألا ليت بعض القادة في تونس يمارسون سياسة النأي بالنفس قولا وفعلا فيتذكرون أن واجبهم أولا وأخيرا هو الحرص على مصالح تونس والتونسيين ويكون شعارهم “تونس “أولا تماما كشعار ترامب بالنسبة لامريكا .
هاجر وأسماء