لوبوان تي ان :
في أعقاب العدوان الأميركي الأول على العراق في عام 1991 والحصار الظالم والقاتل الذي فرضته أميركا وحلفاؤها على شعب العراق لتجويعه قدمت خطتها المعروفة باسم النفط مقابل الغذاء حيث تم احتجاز عوائد النفط العراقية لشراء الغذاء والمواد الإنسانية الأخرى والآن تقوم الولايات المتحدة مجددا باستخدام ذات السياسة في غزة بعد فشل قوات العدوان الصهيوني من استعادة محتجزيه لدى المقاومة فلجأت إلى طرح “المحتجزون مقابل الغذاء” وتدخل مسرحية إلقاء سلال الغذاء جواً من قبل الدول العربية الأربع (مصر، الأردن، الإمارات وقطر) التابعة للولايات المتحدة يوم الثلاثاء في هذا الإطار لإظهار وتسويق صورة مغايرة للغزيين الذي مضى على تصديهم للعدوان خمسة شهور وحيدين إلا من إيمانهم بحتمية الإنتصار، لخلق حالة ضغط شعبي على المقاومة لتقديم تنازلات هي أقرب إلى الاستسلام لشروط الحلف الأميركي الصهيوني العربي الرسمي.
وعملية إنزال صنادق المساعدات بالبراشوت في سماء غزة التي تقوم بها جيوش عربية مرتبطة بالبنتاغون الأميركي هي فكرة أميركية بالأساس حيث تخضع الدول العربية لإملاءات واشنطن/ تل ابيب بمنع ادخال آلاف شاحنات المساعدات الانسانية المحتشدة من العربش إلى امام معبر رفح ، وهي عمليات لاذلال الشعب المقاوم في غزة الذي يساهمون مع العدو لتجويعه.
وتعمل الحكومة الأميركية الأن على تسويق عملية الإنزال الجوي بديلا عن إدخال شاحنات المساعدات إلى غزة حيث اتصل وزير الدفاع الأميركي أوستن مع وزير حرب الكيان الصهيوني غالانت لبحث “طرق جديدة لإدخال المساعدات إلى غزة” وهي تحديدا الإنزال الجوي،.
وفي هذا السياق نقل موقع أكسيوس الإخباري الأميركي عن مسؤولين أميركيين قولهم “إن إمكانية إنزال المساعدات جوا من الطائرات العسكرية الأميركية إلى غزة حيث أصبحت عمليات التسليم عن طريق البر صعبة بشكل متزايد.”
وأضاف هؤلاء المسؤولون القول إن حكومة بايدن تفكر حقيقة في مثل هذه الخطوة لشعورها بالقلق المتزايد بشأن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة ، وخاصة في الشمال حيث يوجد تهديد متزايد بالمجاعة. فالوضع سيء حقا ، نحن غير قادرين على الحصول على ما يكفي من المساعدات بالشاحنات ، لذلك نحن بحاجة إلى تدابير يائسة مثل الإنزال الجوي”.
ويذكر أن تقارير الأمم المتحدة تؤكد انخفاض حجم المساعدات التي تصل إلى غزة بمقدار النصف هذا الشهر، مقارنة بشهر يناير الماضي. ويعترف المسؤولون الأميركيون بأن عمليات الإنزال الجوي للمساعدات سيكون لها تأثير محدود، لأن الطائرة العسكرية يمكنها فقط إسقاط كمية الإمدادات المكافئة لتلك التي تنقلها شاحنة أو شاحنتان.
وتستخدم الحكومة الأميركية وأنظمة التبعية العربية التهديد الذي يلوح في الأفق من جانب كيان العدوان الصهيوني باجتياح رفح ، الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية بشكل كبير، قبيل حلول شهر رمضان المبارك، بما يضاعف الكلفة الإنسانية للعدوان على سكان قطاع غزة للضغط على المقاومة لحملها على تقديم تنازلات.
وفي الوقت نفسه، يتم استخدام المعلومات المضللة والتسريبات الإعلامية، بوجود مسودة اقتراح وقف إطلاق النار، والذي شككت حماس في صدقيته ، للتلاعب بالمشاعر العامة وتعزيز التوقعات غير الواقعية بين الفلسطينيين في غزة. ومن الأمثلة الأخرى تصريح بايدن بأن وقف إطلاق النار قد يتم الإعلان عنه في غضون أيام، والذي لم يكن سوى محاولة التفاف على موقف عرب ومسلمي ولاية ميشيغان عشية التصويت في الانتخابات التمهيدية لحملة بايدن والتي أسفرت عن تصويت أكثر من مئة ألف منهم لصالح “غير ملتزم” كعقوبة لبايدن على موقفه المؤيد لجريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة.
كما كذبته حركة المقاومة حين ذكرت أنه لا تزال هناك قضايا رئيسية معلقة. وتشير مثل هذه التقارير والتصريحات إلى التكتيكات النفسية التي يمارسها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة بهدف استغلال رغبة الفلسطينيين في وضع حد للعدوان الصهيوني. وهكذا يتحول الصراع إلى معركة على الأرض وعلى قلوب الناس وعقولهم، وسط طوفان من المعلومات المضللة واليأس المتزايد”.
وتأتي عمليات الإنزال الجوي بما تحمله من مشاهد لجري الأطفال والنساء للحاق بصناديق المساعدات والوجبات الغذائية لخلق صورة عالمية وحرف الانتباه عن العدوان وتحويل الأمر إلى صورة المجاعة واحتياج سكان غزة فقط إلى الغذاء.
وكانت أخر صور مسرحية الإنزال الجوي التي أعادت إنتاجها دون استحياء طائرات أردنية وبحرينية وعمانية يوم الخميس حين كانت العائلات الغزية تدفن أبناءها الشهداء الجوعى في غزة، حيث ألقت تلك الطائرات أربعة برشوتات في محافظة الشمال، وانتظرتها عيون الأهالي الذين ترقّبوا سقوطها في أوساطهم، لكنها هذه المرّة لم تذهب إلى الجهة الغربية من شمال القطاع، ما يعني أنها لن تسقط في البحر. ولم تكد موجة التهليل والتصفيق تنتهي، حتى تبيّن أنها سقطت كلها في مستوطنات “غلاف غزة”.
محمد دلبخ -واشطن-