لوبوان تي ان :
يزداد الحديث الآن مقرونا بالتكهنات حول ما تخطط له حكومة الرئيس جوزيف بايدن لمواصلة دفع ما يدعى “صفقة كبرى في الشرق الأوسط” لليوم التالي للعدوان الصهيو/أميركي على قطاع غزة على أمل أن تحدث قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي ستجري في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، على الرغم من معارضة حكومة كيان العدوان الصهيوني.
وطبقا لما تردد من معلومات حول ما يخطط له البيت الأبيض ستقيم السعودية علاقات دبلوماسية مع كيان العدوان الصهيوني مقابل الموافقة على مسار لا رجعة فيه يضفي إلى دولة فلسطينية – والسماح للسلطة الفلسطينية بأن يكون لها دور في غزة ما بعد حماس. ويعتقد البيت الأبيض أن غزة بحاجة إلى أن تدار من قبل “سلطة فلسطينية متجددة”، وأن تحالفا رسميا جديدا بين الكيان الصهيوني والسعودية يمكن أن يساعد في استقرار البيئة المحيطة. غير أن حكومة بنيامين نتنياهو ليست مستعدة لقبول صفقة كهذه في أي وقت قريب. لكن مسؤولين أميركيين يعتقدون أن نتنياهو قد يأخذ الأمر في نهاية المطاف مع تصاعد الضغوط الأميركية والدولية والداخلية في الأشهر المقبلة.
واستنادا إلى ما يقوله مسؤولون أميركيون فإن بايدن يحتاج إلى الاستفادة من هذا الضغط وتكثيفه دون تنفير اليهود الأميركيين المؤيدين لكيان العدوان الصهيوني وخاصة من يعتبرهم من كبار ممولي حملته الانتخابية. لكن مثل تلك الخطط لا تتضمن دعوة إلى وقف العدوان الصهيوني على غزة. وقد استخدم بايدن وزير خارجيته أنتوني بلينكن ومستشاره للأمن القومي جاكوب سوليفان للترويج لمثل تلك الخطة التي لم تعلن تفاصيلها حيث تناولتها تصريحاتهما في المنتدى الاقتصادي في دافوس الأسبوع الماضي لطرحها بشكل أكثر وضوحا من أي وقت مضى، في محاولة لدفع الرأي العالمي لتأييدها.
وقد تسبب رفض نتنياهو للخطة الأميركية في زيادة مشاعر الإحباط لدى بايدن وفريقه السياسي حيث يؤكد نتنياهو علنا معارضته أي اتفاق يمنح السلطة الفلسطينية السيطرة على غزة. ويضم فريق بايدن السياسي الذي يدير سياسة البيت الأبيض بشأن الصراع العربي الصهيوني، كل من وزير بلينكن وسوليفان ومبعوثه للشرق الأوسط بريت ماكغورك وهم فريق متصهين بالكامل.
وقال سوليفان في دافوس أن استراتيجية البيت الأبيض لغزة ما بعد توقف العدوان يتمثل في ربط التطبيع بين الكيان الصهيوني و السعودية لخلق مسار لإقامة دولة فلسطينية. من جانبه قال بلينكن ان ما يهمه حالياً هو ان تقوم الدول العربية بإقامة علاقات مع كيان العدوان الصهيوني تحت مسمى “التطبيع” لضمان بقاء الكيان. أما السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة، ريما بنت بندر بن سلطان، فقالت في دافوس في وقت لاحق إن أي اتفاق تطبيع محتمل مع الكيان الصهيوني سيكون مشروطا بوقف إطلاق النار في غزة وخلق مسار “لا رجعة فيه” نحو دولة فلسطينية. فيما قال بلينكن إن الإسرائيليين وكل إسرائيلي “في منصبه” سيتعين عليه اتخاذ قرارات صعبة بشأن هذه المبادرة الدبلوماسية المحتملة بعد الحرب.
لقد كان أحد دوافع عملية “طوفان الأقصى” هو إفشال مشروع الحكومة الأميركية لإقامة علاقات بين السعودية وكيان العدوان الصهيوني، وهو ما اعترف به بايدن بأن ما فعلته حماس هو وقف مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي.
لكن يبدو في ظل التصريحات الأميركية/الإسرائيلية المختلفة بأن تلك “الصفقة الكبرى” بعيدة المنال في المستقبل القريب، لأن غالبية أعضاء الحكومة الإسرائيلية يعارضون إقامة دولة فلسطينية. وقال بايدن عقب مكالمته مع نتياهو يوم الجمعة الماضي إنه لا يعتقد أن حل الدولتين مستحيل أثناء وجود نتنياهو في السلطة – وشدد على أن نتنياهو لم يخبره في المكالمة أنه يعارض أي حل الدولتين. لكن نتنياهو رد في اليوم التالي على بايدن مؤكدا أنه أخبر الرئيس بايدن أنه بعد تدمير حماس، يجب أن يكون لكيانه سيطرة أمنية كاملة على غزة، “وهو مطلب يتناقض مع مطلب السيادة الفلسطينية.
إن ما يتردد اعلامياً عن زيادة التباين بين الحكومة الاميركية وحكومة كيان العدوان الصهيوني حيال مقاربة العدوان على غزة لم يتعد الكلام الفارغ. وهو خلاف داخل الأسرة الواحدة إذ على ارض الواقع، لم تتخذ واشنطن أي اجراء عملي يظهر امتعاضها من سياسة أداتها التي تعتمدها في العدوان الإجرامي على غزة، لا بل تواصل الولايات المتحدة تزويد كيان العدوان بالاسلحة التي يحتاجها لمواصلة عدوانه وتصريح بلينكن وكيربي ورئيسهم بايدن واضحة : نحن نعارض وقف إطلاق النار. إن مثل هذا التصريح يؤكد مجدداً ان الحكومة الأميركية هي من يدير العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة وان كيان العدوان ليس سوى أداتها في قتل ابناء الشعب الفلسطيني وتدمير حياتهم وتشريدهم. جون كيربي المسؤول في مجلس الامن
القومي في البيت الأبيض أعلن هو الآخر يوم الجمعة ان الولايات المتحدة تعارض وقف إطلاق النار في غزة لانه في مصلحة حركة “حماس”.
محمد دلبح -واشنطن –