الشرق الأوسط

ثبت أن نداءات واشنطن للتهدئة ليست سوى خداع…. صفقة أسلحة أميركية ضخمة بقيمة 20 مليار دولار

وافقت الولايات المتحدة أمس على صفقة أسلحة ضخمة بقيمة 24 مليار دولار لكيان العدوان الصهيوني مع
تزايد احتمالات اندلاع حرب إقليمية أوسع.
تشمل الصفقة أكثر من 50 طائرة مقاتلة من طراز F-15، بقيمة 18.82 مليار دولار وصواريخ جو-جو
متطورة متوسطة المدى (AMRAAM) بقيمة 102.5 مليون دولار، وقذائف دبابات عيار 120 ملم بقيمة
774.1 مليون دولار، وقذائف هاون شديدة الانفجار، ومركبات تكتيكية معدلة بقيمة 583.1 مليون دولار.
وتشمل الحزمة أيضًا مجموعات تطوير لتحديث أسطول إسرائيل الحالي المكون من عشرين طائرة F-15،
بما في ذلك محركات ورادارات جديدة.
وقد جاء الإعلان عن صفقة الأسلحة بعد أيام من دعوة الحكومة الأميركية في بيان أصدرته مع مصر وقطر
إلى استئناف مفاوضات الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة مما يشير إلى عدم جديية
الولايات المتحدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وأنها تسعى فعليا إلى إطالة أمد العدوان
الصهيوني على غزة.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن “الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل، ومن مصلحة الأمن القومي
الأميركي مساعدة إسرائيل على تطوير وصيانة قدرات دفاعية قوية وجاهزة”. ولكن لا شيء دفاعيًا في هذه
الأسلحة الجديدة التي ستعزز بشكل كبير قدرة كيان العدوان الصهيوني على شن حرب أوسع في المنطقة.
والحقيقة أن الجزء الأكبر من حزمة الأسلحة موجهة نحو توسيع كبير وتحديث للقوات الجوية الإسرائيلية،
الأمر الذي يشير إلى أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يستعدان لصراع في جميع أنحاء المنطقة
وتحديدا ضد أطراف محور المقاومة.
القوات الجوية الإسرائيلية، التي تتمتع بالفعل بتفوق جوي ساحق في المنطقة، أظهرت قدرتها على تنفيذ
عمليات بعيدة المدى من خلال الغارات التي قصفت فيها الشهر الماضي ميناء الحديدة اليمني ضد منشآت
حيوية.
بينما قد يستغرق تزويد كيان العدوان الصهيوني بالطائرات الحربية الجديدة من طراز F-15 سنوات إذا تم
تصنيعها من البداية بواسطة شركة بوينغ، ستجد الولايات المتحدة طرقًا لتسريع العملية في حالة اندلاع
حرب إقليمية. ويقال إن الولايات المتحدة قد زودت الجيش الإسرائيلي بالفعل بقذائف مدفعية من المخزون
الاحتياطي الأميركي الموجود في فلسطين المحتلة. وتم إنشاء احتياطي الأسلحة الأميركي في فلسطين
المحتلة عام 1984، وهو مستودع ضخم للأسلحة الأميركية، يشمل الذخيرة والقنابل الذكية والصواريخ
والمركبات العسكرية في ستة مواقع مختلفة في جميع أنحاء الكيان الصهيوني، والتي يمكن للكيان الوصول
إليها عند الحاجة.
بالإضافة إلى صفقة الأسلحة، قامت البحرية الأميركية بتسريع نقل حاملة الطائرات الثانية، “يو إس إس
أبراهام لنكولن”، ومجموعة الضربات البحرية المرتبطة بها إلى المنطقة. ستنضم “يو إس إس أبراهام
لنكولن”، المجهزة بمقاتلات F-35C، إلى مجموعة حاملة الطائرات “يو إس إس ثيودور روزفلت”، التي
توجد بالفعل في المنطقة. وستنضم الغواصة “يو إس إس جورجيا” المجهزة بصواريخ موجهة إلى
الأسطول.
وفي مؤشر آخر على التحضيرات لحرب إقليمية، أكدت وزارة الخارجية الأميركية يوم الاثنين الماضي أن
الولايات المتحدة ستستأنف مبيعات الأسلحة الهجومية إلى السعودية، ما أدى إلى رفع حظر رمزي دام ثلاث
سنوات تم فرضه استجابة للفظائع السعودية في حربها في اليمن. وقال المتحدث باسم الوزارة فيدانت باتيل

للصحفيين: “ظلت المملكة العربية السعودية شريكًا استراتيجيًا مقربًا للولايات المتحدة، ونتطلع إلى تعزيز
هذه الشراكة”.
وبسبب العدوان الصهيوأميركي المتواصل تقف المنطقة بأكملها على شفا الحرب. ورفضت إيران رفضًا
قاطعًا نداءً يوم الاثنين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا لـ “إيران وحلفائها بالامتناع عن الهجمات التي قد تزيد
من تصعيد التوترات الإقليمية وتعرض فرصة التوصل إلى وقف لإطلاق النار [في غزة] وإطلاق سراح
الرهائن (الإسرائيليين) للخطر”.
وقد أبرز النفاق المطلق للولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) الرئيس الإيراني الجديد
مسعود بيزشكيان في محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. ووفقًا لوكالة الأنباء
الإيرانية الرسمية (إرنا)، قال بيزشكيان لستارمر إن صمت الغرب على “الجريمة اللاإنسانية غير المسبوقة”
في غزة والهجمات الإسرائيلية في المنطقة كان “غير مسؤول” ويشجع إسرائيل على تعريض الأمن
الإقليمي والعالمي للخطر.
وقد أظهرت حكومة كيان العدوان الصهيوني الإجرامية مرارًا وتكرارًا ازدراءها لمحادثات وقف إطلاق
النار في الوقت الذي يشن فيه حربه الإبادة في غزة، والتي راح ضحيتها ما لا يقل عن 50 ألف شهيد
فلسطيني وجرح وإعطاب نحو 150 ألف. وفي الواقع، كان اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس
الشهيد اسماعيل هنية محسوبًا لإفشال أي مفاوضات لوقف إطلاق النار. لم يدن أي من الولايات المتحدة
ولا أي من حلفائها هذه الجريمة. ومن المؤكد أن الجولة الأخيرة من المحادثات المفترض أن تبدأ غدا
الخميس في الدوحة أو القاهرة ستفشل.
وكانت الولايات المتحدة ومعها اثنين من أدواتها في المنطقة هما حكومتا مصر وقطر قد أصدرا الأسبوع
الماضي بيانا تدعو فيه إلى استئناف المفاوضات بين المقاومة وكيان العدوان لإطلاق سراح المحتجزين
اللإسرائيليين لدى المقاومة في غزة دون التطرق إلى موضوع الأسرى الفلسطينيين في معتقلات كيان
الاحتلال الصهيوني.
وقد نظر إلى البيان بأنه لا قيمة له بل رفع عتب وخاصة منحكومتي مصر وقطر اللتان وافقتا على
الانخراط في المخطط الاميركي الصهيوني لامتصاص حالة الاحتقان لدى الكيان الصهيوني الناجمة عن
تهديد محور المقاومة بالرد انتقاما لاغتيال كيان العدوان لقادة المحور في عقر دار محور المقاومة وايضا
دفع محور المقاومة لتأجيل الرد القاسي الذي تعهد به قادة المحور انتظاراً لنتائج مفاوضات عبثية حول
مقترحات الرئيس الأميركي جوزيف بايدن التي مضى عليها اكثر من شهرين لم تتوقف خلالها شحنات
الأسلحة الاميركية الفتاكة بالتدفق على الكيان لاستخدامها في قتل الفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين وتدمير
غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان واليمن، وهو الأمر الذي يشير إلى أن بيان التفاوض هو جزء من
مؤامرة تستهدف فقط شراء الوقت للكيان كي يواصل عدوانه دونما رادع مؤثر يرغمه على وقف العدوان.
وقد أعلنت حركة حماس أن المطلوب هو الضغط لتنفيذ كيان العدوان الصهيوني مقترح بايدن لوقف إطلاق
النار وانسحاب قوات العدوان من قطاع غزة. واعتبرت الحركة في بيان لها أن الدخول في جولات
مفاوضات أو مقترحات جديدة سيوفر الغطاء للكيان الصهيوني للاستمرار في عدوانه وسيمنحه مزيدا من
الوقت لإدامة حرب الإبادةن الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
وفي استفزاز يهدف إلى تأجيج التوترات بشكل أكبر في المنطقة، قاد وزير الأمن الإسرائيلي اليميني
المتطرف إيتمار بن غفير مئات من أتباعه يوم الاثنين في خرق للبروتوكولات طويلة الأمد، حيث قاموا
بغناء التراتيل اليهودية وأداء الطقوس الدينية في مجمع المسجد الأقصى – ثالث أقدس موقع في الإسلام.
وأعلن معارضته القاطعة لأي مفاوضات لوقف إطلاق النار، قائلاً: “يجب أن ننتصر ولا نذهب إلى
المحادثات في الدوحة أو القاهرة”.

وقد جاء تصريح بن غفير متسقا مع موقف نتنياهو الذي وضع شروطا جديدة من شأنها تعقيد المفاوضات
من بينها استمار سيطرة الكيان على حدود قطاع غزة مع مصر بما فيها محور فيلادلفيا وغياب حماس عن
معبر رفح، وزيادة عدد المحتجزين الإسرائيليين الأحياء الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى إلى الحد
الأقصى وفرض قيود جديدة على الفلسطينيين الساعين للعودة إلى ديارهم في قطاع غزة والاحتفاظ بحق
اتخاذ القرار بشأن من سيفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين المدرجين ضمن الفئة الإنسانية وطرد الأسرى
الذي سيفرج عنهم إلى خارج قطاع غزة. ويردد نتنياهو أنه لن يقبل بأقل من الانتصار المطلق في عدوانه
على قطاع غزة.
وفي رد على دعوة القوى الأوروبية، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني: “مثل
هذه المطالب تفتقر إلى المنطق السياسي، وتتعارض تمامًا مع مبادئ وقواعد القانون الدولي، وتمثل طلبًا
مفرطًا”.
وأضاف: “من الضروري معاقبة إسرائيل”، لكنه أضاف أن “طهران ليست مهتمة بتصعيد الصراعات
الإقليمية”.
وفي أبريل الماضي ، نفذت إسرائيل هجومًا استفزازيًا على السفارة الإيرانية في العاصمة السورية دمشق،
أسفر عن مقتل اثنين من كبار جنرالات الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى خمسة ضباط عسكريين
على قاعدة جوية إسرائيلية وتم إبلاغ واشنطن مسبقًا بذلك، مما مكن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني
وحلفائهما من إسقاط معظمها.
وعلى الرغم من إعجاب الإسرائيليين بالدفاع الأميركي المتطور والمنسق الذي صد الهجوم الإيراني في
14 إبريل الماضي إلا أنه أيضا مزق صورة الكيان الصهيوني "المستقلة" وأظهر أنه غير قادر على حماية
نفسه. إن أي شعور بالانتصار تم تجاوزه بالقلق من أن إيران قد نفذت ذلك الهجوم الخطير في المقام الأول
والقلق من أن الهجوم القادم قد لا يتم صده بسهولة.
بغض النظر عن رد إيران على الاستفزازات الأخيرة، فإن الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب قصوى
ويستعد لشن هجوم. وقال وزير الحرب لبصهيوني، يوآف غالانت يوم الاثنين الماضي: “لقد كرسنا وقتنا
لتعزيز الدفاعات وخلق خيارات هجومية للرد، وكذلك كمبادرة إذا لزم الأمر، في أي مكان وفي أي منطقة”.
كما عقد رئيس الأركان الإسرائيلي الفريق هرتسي هاليفي يوم الاثنين اجتماعًا مع كبار الضباط العسكريين
والاستخباراتيين، تم خلاله اعتماد خطط المعركة لـ “الجبهات المختلفة”. ووفقًا لبيان عسكري، “أكد رئيس
الأركان على استمرار الجاهزية العالية وجهود التقييم للهجوم والدفاع”.
إن ما يسعى له كيان العدوان الصهيوني من مجازر الإبادة الجماعية في غزة هو محاولة استعادة قوة الردع
التي افتقدها بسبب عملية طوفان الأقصى حيث كانت ثقة الكيان قبل السابع من أكتوبر الماضي بلغت ذروتها
عندما اعتقد أن الدول العربية ستقبله حتى لو لم تحل القضية الفلسطينية وأنها يمكن ان تشن عدوانا على
إيران وحلفائها دون عواقب أو تعريض الدعم الأميركي لها للحطر، ثم في ليلة وضحاها تقريبا تحول ذلك
الشعور بالثقة إلى إحساس عميق بالضعف. لقد حطم طوفان الأقصى الافتراضات الأساسية لدى
الإسرائيليين وقلب معتقداتهم السابقة حول قوة كيانهم: إن تفوق الكيان العسكري والتقني يمكن أن يردع
خصومهم وأنهم يمكنهم العيش بأمان وراء الجدران والحدود المحصنة وأنهم يمكنهم الإزدهار اقتصاديان
دون تحقيق تقدم كبير نحو "السلام" مع الفلسطينيين، والآن بدأوا يعترفون في مؤسساتهم الأمنية أن الكيان ليس بتلك القوة
والآن بعد أعلان صفقة الأسلحة الأميركية الجديدة لذبح وتدمير غزة وشعبها وجنوب لبنان والتي ترافقت
مع نداءات جوفاء لتهدئة التصعيد، من المؤكد أن الولايات المتحدة وحلفائها يعقدون محادثات مع نظرائهم
الإسرائيليين لتنسيق خططهم الحربية.
فهل يدرك البعض ان كيان العدوان الصهيوني ليس سوى الأداة التنفيذية للولايات المتحدة في القيام
بالمجازر الجماعية وحرب الابادة في غزة.

واشنطن-محمد دلبح

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى