لوبوان تي ان :
أشار تقرير حديث للبنك الدولي أن عشر سنوات من الصراع في سوريا تسببت بتداعيات وآثار اقتصادية واجتماعية على مستوى المنطقة في العراق والأردن ولبنان شملت زيادة في معدلات الفقر وأعباء الديون، وتدهور أسواق العمل، خاصة للشباب والنساء، وازدياد القيود على إمكانية الحصول على الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية وإمدادات الكهرباء. ودعا التقرير الذي صدر يوم الخميس الماضي بعنوان “تداعيات الحرب: الآثار الإقليمية للصراع في سوريا” إلى ضرورة اتباع إستراتيجية على مستوى المنطقة لمواجهة الأزمة.
ويُظهر التقرير أنَّ الصراع في سوريا كان وحده مسؤولاً عن تراجعات سنوية للنمو الاقتصادي قدرها 1.2 نقطة مئوية في العراق، و1.6 نقطة في الأردن، و1.7 نقطة في لبنان خلال السنوات العشر الماضية. وأدَّى الصراع أيضا إلى ارتفاع معدلات الفقر بمقدار 6 نقاط مئوية في العراق، و3.9 نقاط في الأردن، و7.1 نقاط في لبنان، وتسبَّب في الوقت نفسه في أكبر أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية. وفي ذروة هذه الأزمة، تجاوز عدد اللاجئين ربع السكان المحليين في الأردن ولبنان بالإضافة إلى إقليم كردستان العراق الذي يعد أكبر تركُّز للاجئين في العالم. وتدهورت أوضاع سوق العمل بالنسبة للمواطنين لاسيما النساء في كل البلدان الثلاثة بعد عام 2011. وترتبط هذه الديناميات ارتباطا وثيقا بالتباطؤ الاقتصادي العام، ولكنها ليست بالضرورة مرتبطة بكثافة وجود اللاجئين على المستوى دون الوطني.
وذكر التقرير أن الصراع في سوريا تسبب في أضرار كبيرة لرأس المال الفعلي للجمهورية العربية السورية (تم تدمير 7 في المئة من المساكن وتدمير جزئي بنسبة 20 في المئة) ، مما يساهم في زيادة ضحايا الصراع بأعداد كبيرة جدا، والتسبب في إحداث عمليات نزوح قسري وصلت في حينه إلى أكثر من نصف سكان سوريا عام 2010 أصبحوا مهجرين قسريًا، ووفاة ما بين 400 ألف و 470 ألف شخص، في حين أن الاكتئاب وتعطيل النشاط الاقتصادي بلغ أرقاما قياسية. وقدريت الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي في الفترة من عام 2011 حتى نهاية عام 2016 بنحو 226 مليار دولار، أي حوالي أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي السوري في عام 2010.
وأدى تدفق اللاجئين إلى زيادة الطلب على الخدمات العامة، وأسفر ذلك عن حدوث ازدحام سكاني وزيادة أعباء المالية العامة. وفي مجالي التعليم والمياه، حالت تدابير التكيف في تقديم الخدمات إلى حد كبير دون حدوث ازدحام. وفي مجالات النقل والصحة والطاقة، روعيت حالات الازدحام (من خلال التكاليف التي تتحملها المالية العامة عبر دعم منتجات الطاقة).
ويرى التقرير أن تداعيات الصراع السوري انتشرت عبر قنوات متعدّدة. فمع تراجع تجارة العبور عبر سوريا وتعثّر قطاع تصدير الخدمات مثل السياحة، بلغ الأثر الإضافي للصدمة التجارية على إجمالي الناتج المحلي -3.1 نقطة مئوية في الأردن و-2.9 نقطة مئوية في لبنان. بالمقارنة، رفعت الصدمة الديمغرافية (الناجمة عن توافد اللاجئين) إجمالي الناتج المحلي بـ 0.9 نقطة مئوية في البلدين عبر زيادة الطلب الإجمالي وعرض اليد العاملة.
وعلى الرغم من بذل الحكومات قصارى جهودها، والدعم المقدم من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، فإن الأوضاع على الأرض في منطقة المشرق لا تزال صعبة. ولا توفر شبكات الأمان الاجتماعي الضعيفة سبل الحماية للمواطنين العراقيين والأردنيين واللبنانيين إلى حد كبير من الصدمات الاقتصادية. ويعاني اللاجئون والمجتمعات المضيفة لهم على السواء من نقص الخدمات الذي يؤدي في أغلب الأحيان إلى اتخاذ بدائل قصيرة الأجل مثل مُولِّدات الديزل، ونقل إمدادات المياه بالشاحنات الصهريجية، وكلاهما قد يكون محفوفا بالمخاطر وأكثر تكلفة بثلاث مرات من خيارات الشبكة العامة. وتقل سنوات الدراسة التي يحصل عليها أطفال اللاجئين بمقدار 5.4 سنوات عما يتلقاه نظرائهم في البلدان المضيفة في لبنان، و3.7 سنوات في الأردن ، وهو ما يعزى إلى حد كبير إلى انخفاض معدل الالتحاق بالتعليم الثانوي والعالي. وتشير تقديرات التقرير إلى أن زيادة رأس المال البشري الناجمة عن سد هذه الفجوات قد تؤدِّي إلى زيادة معدل نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1.1 في المئة في لبنان و0.4 في المئة في الأردن.
محمد دلبح واشنطن