
لوبوان-سفيان رجب
لم يترك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وسيلة إلا واستعملها لمحاولة إسقاط المرشح لمنصب عمدة نيويورك، زهران ممداني، النائب الديمقراطي التقدمي المعروف بخطابه المعادي للعنصرية والمدافع عن حقوق المهاجرين.
فقد تحولت الحملة الانتخابية في المدينة التي لا تنام إلى ساحة معركة إعلامية وسياسية غير مسبوقة، حيث تداخل المال بالنفوذ، والدعاية بالتحريض، والعرق بالدين.
من هو زهران ممداني؟
زهران ممداني ولد في أوغندا لأبوين من أصول هندية مسلمة هاجرا إلى الولايات المتحدة في تسعينات القرن الماضي، واستقرّا في حي كوينز بنيويورك، حيث عاش طفولته في بيئة متعددة الثقافات.
درس العلوم السياسية والاقتصاد، قبل أن ينخرط في العمل المجتمعي، مؤسسا مبادرات شبابية لمساندة اللاجئين والمهاجرين ومكافحة الإسلاموفوبيا.
دخل السياسة عبر الحزب الديمقراطي التقدمي، وفاز بعضوية مجلس الولاية سنة 2020 ممثلاً عن دائرة تضمّ خليطا من الطبقة العاملة والمهاجرين.
خطابه يجمع بين الجرأة والمثالية، الدفاع عن العدالة الاجتماعية، تحسين السكن والنقل العام، وإعادة توجيه ميزانيات الشرطة نحو الخدمات العامة.
رغم صغر سنه، بات أحد أبرز الوجوه الصاعدة في جناح اليسار الأمريكي، وغالبا ما يقارن بنواب مثل ألكسندريا أوكاسيو كورتيز.
حرب ترامب ضد مرشح من الهامش
منذ إعلان ترشحه، واجه ممداني حملة تشويه ممنهجة، إعلانات تلفزية وإذاعية، مقالات صحفية مدفوعة، حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، وصولا إلى مشهد غريب يعكس حجم الحرب التي شُنّت ضده: مروحية تحلّق في سماء نيويورك طوال النهار تحمل لافتة ضخمة تدعو الناخبين إلى “عدم انتخاب ممداني”.
مشهد أقرب إلى أفلام هوليوود منه إلى انتخابات ديمقراطية في بلد يفترض أنه نموذج الحرية.
ترامب نفسه دخل على الخط، مهاجما ممداني بألفاظ عنصرية ودينية، في خطاب يعيد إلى الأذهان لغة “أمريكا البيضاء أولا”. لكن رغم كل هذه الضغوط، لم يتراجع المرشح الشاب، ولم تنجح “الإمبراطورية الترامبية” – بكل ما تمتلك من مال وإعلام ولوبيات – في إسكات صوت مختلف.
حين يصبح الحلم السياسي ترفا
وربما تكمن المفارقة في أن ما عجز عنه المال والنفوذ في نيويورك، يتحقق بسهولة في بلدان أخرى، حيث يكفي أن يرفع مسؤول صغير صوته ليخاطب “الرئيس” عبر شاشة التلفاز أو عبر منشور فايسبوكي.
نيويورك تعيش نقاشاً حقيقيا حول هوية مدينتها ومستقبلها، لذلك كان التصويت لفائدة منقدم لها الجواب حول المستقبل.
لقد واجه ممداني ترامب وإعلامه وملياراته، في معركة كانت غير متكافئة لكنها ضرورية: معركة استعادة الإيمان بالسياسة، والإيمان بأن الصوت الواحد يمكن أن يغيّر شيئا… إن وجدت منصة ليسمعه أحد.. وهوما تحقق في نيويورك ليفوز ممداني على ترامب وسلطته وماله، وعلى من وقفوا ضده لانه وجد من يستمع اليه بعيدا عن الجنس والدين والعرق




