لوبوان- سفيان رجب
تعيش الخطوط التونسية منذ سنوات وضعية صعبة تنذر بمزيد من التدهور إذا لم يتم المرور إلى إصلاحات جذرية تتجاوز الشعارات والبرامج الظرفية. فالشركة، التي كانت رمز السيادة الوطنية وواجهة البلاد في العالم، تحولت اليوم إلى عبء مالي واقتصادي يثقل كاهل الدولة ويهدد قطاع النقل الجوي برمته.
فشل متكرر في خطط الإنقاذ
منذ أكثر من عقد، تعاقبت الحكومات ووزراء النقل على إعلان مخططات لإصلاح الناقلة الوطنية. غير أنّ جميعها بقيت حبيسة التصريحات واللجان والدراسات، دون نتائج ملموسة. وها هي الأزمة تتعمق من أسطول محدود، خسائر متراكمة، ديون خانقة، وتراجع الحصة في سوق النقل الجوي لصالح شركات أجنبية وإقليمية.
وزير النقل رشيد عامري عاد مؤخراً ليؤكد على ضرورة وضع برامج عاجلة تخص مجالات الصيانة، العمليات الجوية، الجودة والسلامة، داعياً إلى تكوين فرق خاصة تتابع التنفيذ خلال 15 يوماً. كما شدّد على أهمية الاستعداد للموسم السياحي المقبل والاستباقية في مواجهة المخاطر. لكنّ هذه الدعوات، على أهميتها، ليست جديدة؛ فقد سبقتها خطط مماثلة انتهت غالبا إلى نفس المأزق: غياب المتابعة، ضعف الإرادة السياسية، وضغط النقابات والمصالح المتضاربة.
أرقام تكشف عمق الأزمة
| المؤشر القيمة (بمليون دينار) / العدد | |
| إجمالي الديون +2000 | |
| ديون تجاه البنوك 828 | |
| ديون تجاه المنشآت العمومية والصناديق 1100 | |
| الخسائر المتراكمة 2200 | |
| عدد الطائرات العاملة 10 | |
| عدد الطائرات المستهدفة (ربيع 2025) 14 | |
| عدد الطائرات المخطط له (2026) 21 | |
هذه الأرقام تترجم بوضوح المأزق الذي تعيشه الشركة: وضع مالي هشّ، أسطول غير كافٍ لتلبية الطلب، وفقدان القدرة التنافسية.
شروط النجاح والإصلاح
لكي تنجح أي خطة إصلاح، لا بد من توفر شروط موضوعية وعملية:
- إرادة سياسية واضحة تقطع مع الحلول الترقيعية.
- حسن التصرف في الموارد المالية والبشرية واللوجستية وفق أولويات دقيقة.
- إعادة هيكلة الديون عبر مفاوضات مع البنوك والمؤسسات العمومية.
- استراتيجية تجارية جريئة تستهدف أسواقاً جديدة وتوسيع الشبكة.
- شراكات دولية تسمح بالاستفادة من الخبرة والتمويل دون المساس بالسيادة.
- حوكمة شفافة تضمن المتابعة والمحاسبة في التنفيذ.
بين الأمل والمخاطر
إذا نجحت الخطوط التونسية في تجديد أسطولها إلى 21 طائرة في 2026، فقد تستعيد جزءا من مكانتها وتتمكن من مرافقة الانتعاش السياحي المنتظر. لكن استمرار غياب الإصلاح الحقيقي سيحوّل الأهداف إلى مجرد وعود أخرى تنضاف إلى سجل طويل من الفشل.
الخطوط التونسية اليوم أمام مفترق طرق، فإما الانخراط في إصلاحات حقيقية تعيد لها دورها كرمز وطني وفاعل اقتصادي، أو الاستسلام لمسار التراجع الذي قد يقود إلى سيناريو الانهيار.
