نشرت مجلة “بيزنس ويك” الأمريكية تقريرا حول وجود داعش في ليبيا، مبينة الطريقة التي احتل فيها مدنا، وتمدد على أثرها في بقية المدن الليبية، موضحةً أن تونس هي المصدر الأكبر لارهابيي داعش ليس فقط في ليبيا ولكن في سوريا والعراق. لفتت المجلة الأمريكية إلى أن داعش ينظر إليه على نطاق واسع بأنه “مصدر خطر كبير في شمال أفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط”، ولم يكتشف حتى الآن كيف احتل هذا التنظيم في ليبيا هذا التهديد الأكبر.
وأشارت المجلة إلى وجود تركيبة جديدة ومختلفة من الإرهابيين عن مقاتلي القاعدة القدامى مكونة من تغيير دعم حلفاء القذافي إلى داعش، والتدفق القوي من الارهابيين من تونس المجاورة.
تقول المجلة: في الحقيقة داعش ليبيا يعتبر بناء جديدا جوهريا مختلفا عن شبكة الارهابيين المتحالفين مع القاعدة.
طوال حكم القذافي عرفت بعض المناطق بمعارضتها التاريخية لحكمه مثل مدينة درنا شرق ليبيا، منذ الثمانينات وهي مهد أيديولوجي لمعظم الجهاديين المناصرين للقاعدة.
ولاتزال المدينة معروفة بدعم القاعدة، وشاركت في إرسال الارهابيين إلى العراق بعد 2003، ولواء البتار التابع لداعش الذي عمل في سوريا منذ 2012 بدأ في الأساس من مقاتلين قادمين من درنة.
بعد سقوط القذافي كانت درنة تحت سيطرة ميليشيات موالية للقاعدة “أنصار الشريعة”، وقرر بعض عناصر تلك الميليشيا مبايعة داعش للمرة الأولى في ليبيا، وهو الأمر الذي كان مثار خلاف بين الارهابيين في درنة، ونما التوتر بمرور الوقت، وفي النهاية استطاع عناصر “أنصار الشريعة” في جويلية 2015 طرد أتباع داعش من درنا، مرتع الارهاب التقليدي في ليبيا، لقد رفضت تلك المدينة داعش.
ولكن أنصار داعش عثروا سريعا على منطقة نفوذ أخرى، تحركوا إلى معاقل القذافي السابقة أبرزها سرت، مسقط رأسه، ومدن أخرى.
ولم تثق داعش في السكان المحليين واستعوضت عنهم ميليشيات قادمة من خارج سرت، خاصة من مصراتة، وهذه هي الطريقة التي دخل بها داعش إلى المدينة للمرة الأولى في 2012، ومع مرور الوقت تم تجنيد الكثير من الجيل الجديد من الارهابيين المنحدرين عن عائلات في سرت.
ولفتت المجلة إلى أن هذه الطريقة سبق وأن اتبعتها داعش في العراق، فقد استدعت عناصر من حزب البعث العراقي ومسؤولين سابقين في جيش صدام حسين الذين تطرفوا بعد حل مؤسساتهم بعد الغزو الأمريكي في العراق 2013.
ويمكننا أن نرى النموذج ذاته يعاد إنتاجه في معاقل القذافي السابقة، مثل بني وليد، الواقعة بين سرت وطرابلس، وتشير مصادر عديدة إلى أن المدينة تم استغلالها من قبل داعش التي تتخذ سرت مركز كبير لإخفاء ونقل المقاتلين في الأجزاء الغربية من ليبيا.
وقد ارتفعت أعلام وشعارات القاعدة منذ صيف 2015، وأفادت مصادر أن ضربة جوية استهدفت في نهاية فيفري 5 شاحنات محملة بعناصر مسلحة كانت تغادر بني وليد إلى سرت.
النموذج السابق أيضا نراه في ترهونة، مدينة تقع على الطريق الذي يربط بني وليد بطرابلس.
ويلعب العامل الخارجي دورا في تأسيس نواة صلبة لداعش في ليبيا، حيث تزداد أعداد الارهابين، ولا يرجع ذلك فقط لضعف الأمن على الحدود مع ليبيا، ولكن لدفع العديد من الارهابيين التونسيين للانضمام إلى داعش.