لوبوان تي ان :
انطلقت اليوم الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية ، التي ستجري على جولتين في العاشر، والرابع والعشرين من ابريل الجاري، وسط تركيز واسع من قبل المرشحين، على القضية التي باتت موضع التنافس التقليدي بين الأحزاب، وهي قضية الهجرة والمهاجرين إلى فرنسا، في وقت تطرح فيه التساؤلات مجددا، عن مدى تأثير صوت الناخبين من الجاليتين العربية والإسلامية في فرنسا، وإلى من سيذهب هذا الصوت في ظل استقطاب شديد تقوده أحزاب اليمين المتطرف.
ويبلغ عدد المرشحين في الانتخابات المزمعة 12 مرشحا، يبدو الأكثر حظا بينهم للفوز بها، الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، وفق معظم استطلاعات الرأي في حين تشير الاستطلاعات أيضا، إلى أن المنافسين الأبرز له خلال تلك الانتخابات هما مارين لوبان (اليمين المتطرف) ،وجان لوك ميلانشون (اليسار الراديكالي).
وتمثل قضية الهجرة أبرز القضايا التي يركز عليها المرشحون الإثنا عشر، في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وتبدو المقاربات بشأنها مختلفة بعض الشئ، بين مرشح وآخر ، لكنها تتماهى في جوهرها بين معسكري اليمين واليسار، إذ تشير تقارير إلى أن الناخب الفرنسي، يجد نفسه أمام خيارين، بين معسكر يتعهد بتشديد القوانين ضد الهجرة، وآخر يطرح مقاربة اجتماعية إلى حد ما، تتوخى الإدماج دون أي حديث عن الترحيل، الذي يتنافس حوله اليمينان التقليدي والمتطرف.
وكالعادة في كل انتخابات، فإن نهج اليمين سواء كان تقليديا أم متطرفا، يبدو أكثر تشددا حول الهجرة، باعتبار أنه الملف التقليدي، الذي يركز عليه في كل مرة وينهج فيه نهجا راديكاليا، في حين يستخدم اليسار نبرة إنسانية في معالجته له، وهو ما يعد سببا من وجهة نظر مراقبين، لخسارة اليسار خلال السنوات الأخيرة، بفعل انتشار أفكار اليمين المتطرف في المجتمع الفرنسي.
ووفقا للاحصائيات فإن عدد سكان فرنسا من أصول مهاجرة، يصل إلى حوالي 11.8 مليون نسمة، وهم يشكلون نسبة 19% من إجمالي السكان في فرنسا، في حين تشير الإحصاءات إلى أن نسبة السكان المسلمين في فرنسا، قد تصل إلى 10% من عدد السكان.
وتمثل أصوات المهاجرين بما فيهم المسلمون، طوال الوقت عاملا مهما في في الانتخابات الفرنسية، خاصة في ظل ما تشير إليه التقارير، من أن الأقليات المهاجرة في فرنسا، عادة ما تعزف عن الإدلاء بأصواتها في أية انتخابات، بفعل ما يعتبره البعض رد فعل على احساسها بالتهميش من قبل المؤسسة الفرنسية.
وكانت تساؤلات كثيرة قد ترددت قبيل الانتخابات الرئاسية، المزمعة في العاشر من إبريل الجاري، حول ما إذا كانت القاعدة الانتخابية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد اهتزت هذه المرة، في ظل ما يقال عن احتمالات بعزوف الناخبين من مسلمي فرنسا عن منحه أصواتهم.
وكان العديد من أبناء الجالية العربية والإسلامية في فرنسا، قد منحوا أصواتهم لإيمانويل ماكرون، في الانتخابات التي أوصلته إلى الإليزيه عام 2017، ويذكر أن ماكرون كان قد قال أمام حشد من المؤيدين المتحمسين له في باريس ، بعد وقت قصير من فوزه في الجولة الأولى من التصويت في الانتخابات الرئاسية 2017: “أريد أن أكون رئيساً لكل شعب فرنسا، رئيساً لجميع الناس الذين يتعاملون مع تهديد القومية”.
غير أنه وبعد أن فاز وأصبح أصغر رئيس في تاريخ فرنسا، فإنه انتهج نهجا مختلفا على مدار العامين الماضيين، إذ طور برنامجا حمله رؤيته لاقتلاع ما أسامه بجذور”النزعة الانفصالية الإسلامية”، وغرس القيم الجمهورية، مما أثار غضب الجالية المسلمة في فرنسا، التي اتهمته بانتهاج نهج إقصائي للمسلمين، والسعي لترسيخ “إسلام على طريقته الخاصة”.
ويرى كثيرون أن ماكرون وهو سياسي وسطي، قد نحا باتجاه اليمين بصورة كبيرة خلال العامين الماضيين، متبنيا بعض الخطاب اليميني ،من أجل الحصول على حصة أكبرمن الأصوات، وكان كثير من مسلمي فرنسا قد رأوا في وصفه للإسلام بأنه “دين في أزمة” سعيا للحصول على مكاسب سياسية على حسابهم.