لوبوان تي ﺁن꞉
نشرت مجلة “كاليفورنيا كوريير” الأمريكية تحقيقًا استقصائيًا للصحفي التركي، عبد الله بوزكورت، يوضح أن هناك اتفاقًا ضمنيًا ما بين داعش وإردوغان، كشف عنه بوزكورت بعد الاطلاع على سجل مكالمات هاتفية سريّة جرت بين داعش ومسؤولين أتراك. ساعدت تلك الاتصالات في تسهيل عمل داعش على الحدود مع سوريا في نطاق 822 كلم، ومرور العناصر للقتال إلى جانب التنظيم في سوريا.
مبعوث واشنطن للتحالف الدولي “بريت ماكغروك” يتهم تركيا بالتواطؤ مع داعش
وتكشف التسجيلات، التي اطلع الصحفي التركي عليها بإذن قضائي، أن الحكومة التركية وفرّت غطاء سياسيًا لعمل التنظيم، وهو ما مكن داعش من العمل بحرية وتجنب الملاحقة القضائية، إضافة إلى تمكن داعش من إنشاء خطوط دعم لوجستي داخل الحدود التركية، ونقل جرحى داعش للعلاج في المستشفيات التركية.
الوسيط أبو بكر꞉
تكشف التسجيلات الصوتية أن القائم على تنفيذ عمليات تهريب داعش شخص تركي اسمه إلهامي بالي، يبلغ من العمر 36 سنة، ولقبه “أبو بكر”.
ويكشف التنصت على المكالمات عن دور “أبي بكر المركزي “في توجيه عمليات التهريب على طول الحدود، بما في ذلك تسهيل مرور المتشددين عبر المطارات ومحطات الحافلات وتنظيم اجتماعات مع المهربين لنقل المنضمين لداعش عبر الحدود إلى سوريا. كما أنها تكشف أن أبا بكر نقل البضائع عبر الحدود إلى داعش، بدءًا من الأحذية والملابس إلى الأصفاد والطائرات بدون طيار والمناظير والخيام. بالإضافة إلى ذلك، يُظهر التنصت على المكالمات الصوتية أن الحكومة التركية كانت تعرف أسماء ومواقع 33 مواطنًا تركيًا تعهدوا بالعمل كسائقين في شبكة التهريب التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.
كيف انخرطت المخابرات التركية في دعم الحركات الجهادية في الصومال وسوريا؟
وتُظهر التغطية الأمنية على “أبي بكر”، على الرغم من صدور أحكام بحقه بتهم تتعلق بالإرهاب، مدى تعاطف السلطات التركية مع نشاطاته الإرهابية حتى تلك التي وقعت على الأراضي التركية.
وكانت محكمة في مقاطعة “غازي عنتاب” بجنوب شرقي تركيا قد أصدرت مذكرة توقيف بحق أبي بكر في 16 ديسمبر/كانون الأول 2014 بعد اعتقال أشخاص على الحدود أثناء محاولتهم الانضمام إلى داعش في أغسطس/آب 2014. ووفقًا للوائح الاتهام التي قدمها ممثلو الادعاء الأتراك، فإن أبا بكر (إلهامي بالي) متهم بأنه العقل المدبر وراء 3 هجمات إرهابية عام 2015 في العاصمة التركية أنقرة، أودت بحياة 142 شخصًا.
وبعد مرور سنة، أصدرت محكمة جنائية أمرًا آخر باعتقال بالي بسبب دوره المزعوم في هجوم انتحاري -هو الأكثر دموية في تاريخ تركيا- في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2015 في أنقرة. وقد أسفر الانفجار بواسطة انتحاريين اثنين عن مقتل 105 مدنيين، واستهدف فيه مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية المنظمات غير الحكومية وأنصار الأحزاب اليسارية والموالية للأكراد.
وعلى الرغم من علم السلطات التركية بمكان وجود أبي بكر، وبرغم مذكرات الاعتقال بحقه، فإن الحكومة التركية سمحت له بالتجول بحرية ما بين تركيا وسوريا.
الاتصالات الساخنة للجهاديين…
تُظهر الاتصالات التي جرى اعتراضها أن السلطات الحكومية التركية كانت على علم بأعداد الجهاديين الذين ينقلهم الوسطاء مثل إلهامي بالي عبر حدودها؛ فأثناء استجوابه في قاعة المحكمة في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، قال يعقوب شاهين، الذي كان يحاكم بسبب شرائه نترات الأمونيوم لصنع القنابل، في محكمة في أنقرة: “إن الدولة [التركية] تعلم جيدًا من ذهب إلى سوريا”.
تقرير أمريكي يكشف خطط “داعش” لإعادة التمويل، وتركيا الوجهة
كما سُمع أبو بكر خلال التنصت على المكالمات وهو يناقش قضايا تتعلق بعدد من الأفراد الذين يساعدهم هو وشركاؤه في التنقل عبر الحدود. في الواقع، قدم أبو بكر تقارير شهرية إلى قيادة داعش من أجل سداد التكاليف، استنادًا إلى عدد من قام بتهريبهم، إذ يقول في أحد تقاريره: “في المتوسط، في يوم واحد في نقطة عبور واحدة، يقوم تنظيم داعش بتهريب ما بين 50 إلى 100 مسلح عبر الحدود التركية – السورية”.
ويقول الصحفي بوزكورت إن “هذا العدد يرفع التقديرات إلى تهريب 15 ألف شخص عبر الحدود سنويًا”.
كما يورد بوزكورت في تقريره العديد من المحادثات المسجلة بين مهربين من داعش وبالي، منها مكالمة قال فيها أحد الإرهابيين الروس، أوليكسندر بوششك، لأبي بكر إن “11 جهاديًا في غازي عنتاب ينتظرون أن يتم نقلهم عبر الحدود”.
الرعاية الطبية لداعش في تركيا
لم يكن التهريب يجري باتجاه واحد على الحدود، بل استطاع داعش استخدام المستشفيات التركية، لمعالجة الجرحى والمصابين من داعش، والحصول على رعاية طبية.
ودأبت داعش على الاستعانة بخدمات استشارية في مستشفى M.I.S Danışmanlık في أنقرة، للمساعدة في علاج متشددي داعش الجرحى. وأظهرت نسخ من مكالمات مسربة بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 بين أبي بكر ومدير المستشفى، سافاس دوغرو، أن الرجلين ناقشا الترتيبات، لدفع 62000 دولار مقابل الرعاية الطبية لـ16 من مصابي داعش في المستشفيات التركية.
تركيا توفر لسجناء داعش الرفاهية الكاملة!
في محادثة أخرى، يشكو دوغرو من فواتير غير مدفوعة تصل إلى 150000 دولار لعمليات جراحية لمقاتلي داعش المهربين إلى تركيا. كما يعترف دوغرو بإبقاء هؤلاء المسلحين في غرف خاصة في المستشفيات، أحيانًا لمدة شهور، لإخفائهم عن أعين المتطفلين. ويقول إن الإقامة الفندقية وحدها تكلف 40 ألف دولار.
وفي حوار مسجل بين أبي بكر وجندي تركي، أُخبر أبو بكر بأنه سيحصل على كل ما يحتاجه، واتفق الاثنان على ضمان عدم الاصطدام بين داعش وحرس الأمن التركي.