تونس-لوبوان-
انطلقت اليوم الاربعاء أعمال القمة الخليجية الأوروبية الأولى وذلك في العاصمة البلجيكية بروكسل وهي أول قمة من نوعها تجمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي وقادة الاتحاد الأوروبي.
ومن المنتظر أن يناقش الزعماء الخليجيون مع نظرائهم في الاتحاد الأوروبي الوضع في منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد في الأراضي الفلسطينية ولبنان وبحث وضع حد لما يجري من تقتيل وتدمير وتهجير على ايدي القوات الإسرائيلية ومنع خطر توسع الحرب إقليميا.
الى جانب ذلك من المقرر أن يبحث قادة الدول الخليجية الست (المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة والكويت وعمان وقطر) مع قادة الاتحاد الأوروبي في مواضيع تتعلق بالتجارة والطاقة وتغير المناخ.
وتتوج هذه القمة علاقة استراتيجية وتاريخية، وشراكة بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود بين الجهتين الخليجية والأوروبية حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، في حين ما زالت المحادثات التي بدأت في تسعينات القرن الماضي بشأن اتفاقية للتجارة الحرة، متوقفة. وتسعى الدول السبع والعشرون في الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي الست.
وتشارك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في القمة التي يديرها بنحو مشترك رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الرئيس الحالي لمجلس التعاون الخليجي.
التهدئة في الشرق الأوسط ابرز النقاط
وقال بوريل مساء الثلاثاء قبل عشاء عمل مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي “نتشارك المخاوف نفسها فيما يتعلق بالسلام والأمن في كل أنحاء المنطقة”.
من جهته ذكر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي”أن أحد مساري هذه القمة يتعلق “بالقضايا الإقليمية والدولية، وينتهج خلالها مجلس التعاون الخليجي سياسة واضحة وجليّة، وترتكز على القانون الدولي، وتشجع لغة الحوار والدبلوماسية وتخفيف التصعيد في المناطق التي تشهد اضطرابات ونزاعات”.
وحذر مجلس التعاون الخليجي من “التداعيات الخطيرة” للتصعيد في الأراضي اللبنانية والفلسطينية، مشيراً إلى أن تأثيرها لا يقتصر على المنطقة وحدها.
وفي هذا السياق، يشار إلى ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تصعيد في الحرب الدائرة في غزة ولبنان من قبل إسرائيل، وما يصحبها من تصعيد إيراني إسرائيلي متبادل يوتر المنطقة المحيطة بدول الخليج العربي التي تضع في ذات الوقت وفي كل محفل دولي، القضية الفلسطينية على أولوية اهتماماتها.
وعلى الصعيد الأوروبي، أكد الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الخليج لويجي دي مايو، أهمية حضور الحرب الروسية الأوكرانية في مناقشات القمة المرتقبة، وهي قضية تمثل للجانب الأوروبي مصدر قلق من حرب تقع في محيطه الإقليمي كما هو حال التصعيد العسكري في المحيط الخليجي متمثلاً بأحداث الساحتين الفلسطينية واللبنانية والتصعيد الإسرائيلي الإيراني.
ومن مفارقات الملفين، أن دول الخليج العربية تتمتع بعلاقات جيدة مع روسيا التي تدخل مع الاتحاد الأوروبي في حالة حرب غير معلنة على خلفية حرب أوكرانيا، وفي المقابل، تتمتع دول الاتحاد الأوروبي بعلاقات جيدة مع إسرائيل طرف التوتر في محيط شركاءهم الخليجيين.
وتجمع مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، تشابهات على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي، لكل “تكتل” على حدة.
وبينما تعد دول الخليج أحد أهم مراكز الطاقة من النفط والغاز في العالم، وهو ما يهم الجانب الأوروبي، تمثل دول الاتحاد الأوربي شريكاً استراتيجياً لدول لخليج، إذ تستورد منه أنواع مختلفة من الصناعات بما فيها العسكرية والتكنولوجية، في وقت تسعى فيه الدول الخليجية لتوطين كثير من تلك الصناعات لديها، ما يؤهل الجانبين لعلاقة شراكات تكاملية.
ويوضح جاسم البديوي “أن هناك أرضية مشتركة تجمع الجانبين حيال العديد من القضايا والموضوعات الإقليمية والعالمية”، موضحاً أن المسار الأول للقمة المرتقبة يركز على “العلاقات الثنائية الخليجية الأوروبية، وتشمل أوجه عدّة، مثل مجالات التجارة والاستثمار والتعاون الأكاديمي وتفعيل التعاون في قطاعي الصحة والطاقة المتجددة وسبل تحرير تأشيرة الشنجن عن المواطن الخليجي، والتي يدرك الجانب الأوروبي أهمية ذلك في دفع التعاون الثنائي نحو آفاقٍ أرحب”.
علاقات تاريخية
ويعود الاهتمام الخليجي بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي إلى العام 1987، وفي ديسمبر منه قرر المجلس الأعلى لدول المجلس في دورته الثامنة الموافقة على الدخول في مفاوضات رسمية مع الجماعة الأوروبية، بهدف الوصول إلى اتفاقية مبدئية بمثابة إطار للتعاون بين الجانبين.
وبحسب موقع مجلس تعاون دول الخليج، فوّض المجلس الأعلى المجلس الوزاري بالتفاوض مع الجماعة الأوربية والتوقيع النهائي على هذه الاتفاقية، وهو ما تم التوصل إليه في صيف العام التالي بالتوقيع على الاتفاقية الإطارية في 15 جوان1988، ومن ثم اعتمادها من المجلس الأعلى في دورته التاسعة (المنامة، ديسمبر 1988)، ودخلت حيز التنفيذ في بداية عام 1990.
كما قرر المجلس الأعلى في تلك الدورة تفويض المجلس الوزاري بإصدار التفويض اللازم للفريق التفاوضي للدخول في المفاوضات الرسمية مع الجماعة الأوروبية، بهدف الوصول إلى اتفاق تجاري بين الطرفين. وأصدر المجلس الوزاري في دورته الخامسة والثلاثين جوان 1990، القرار الخاص بالدخول في مفاوضات تجارية رسمية مع الجماعة الأوربية، وتفويض الفريق التفاوضي بالدخول في هذه المفاوضات، وفق عدد من التوجيهات التي تم اعتمادها.
وعلى مدى العقود الثلاثة منذ توقيع الاتفاقية، عُقدت اجتماعات عدّة بين الجانبين على المستويات الوزارية ومستويات اللجان المشتركة لتأتي قمة الأربعاء تتويجاً لما توصلت إليه تلك الاجتماعات والتعاونات ويامل الجميع في ان تدفع هذه القمة نحو التهدئة في منطقة الشرق الأوسط للحد من الخسائر البشرية والمادية التي تفاقمت منذ الهجومات الإسرائيلية على غزة ثم لبنان منذ أكتوبر الماضي ولحد اليوم.