
لوبوان تي ان:
تصاعد الاحتقان الداخلي وتنامي الدعوات إلى استقالة الطبوبي وقيادات من المكتب التنفيذي
يشهد الاتحاد العام التونسي للشغل واحدة من أعمق أزماته التنظيمية منذ سنوات، حيث تتفاعل داخل هياكله موجة غير مسبوقة من الخلافات والصراعات التي طاولت أعلى هرم القيادة. وقد بلغ التوتر مداه خلال الأيام الأخيرة إثر انتشار أخبار حول استعداد الأمين العام نور الدين الطبوبي للاستقالة، بعد انسحابه المفاجئ من اجتماع للهيئة الإدارية الوطنية.
هذا التطور كشف حجم الشرخ داخل المنظمة نقابية في البلاد، وأعاد إلى الواجهة النقاش حول شرعية القيادة الحالية وطريقة إدارة الاتحاد في ظرف اقتصادي واجتماعي حساس.
تُجمع عدة أصوات داخل الاتحاد على أنّ جذور الأزمة تعود أساساً إلى تعديل الفصل 20 من القانون الأساسي للمنظمة، والذي مكّن القيادة من التمديد لنفسها رغم تأثير هذا القرار على توازنات الاتحاد الداخلية. فقد رأت أطراف واسعة في هذا التعديل خرقاً للعرف النقابي التاريخي، واستغلالاً لظروف استثنائية لفرض واقع جديد يمنح المكتب التنفيذي الحالي نفوذاً متعاظماً على حساب القواعد النقابية.
هذا التعديل أصبح لاحقاً مفجّراً لسلسلة من الخلافات التي تغذت أيضاً من اتهامات تتعلق بتراجع أداء الهياكل المركزية، وضعف المشاركة في التحركات الأخيرة، واتهامات بامتيازات غير مبررة.
ومع استفحال الغضب داخل صفوف النقابيين، خرجت مجموعات معارضة من داخل المكتب التنفيذي نفسه للمطالبة برحيل القيادة الحالية، واسترجاع النسخة الأصلية للقانون الأساسي قبل التعديل. وترى هذه المجموعات أن استقالة الطبوبي أصبحت ضرورة لإخراج الاتحاد من حالة الشلل التنظيمي التي يعيشها، ولتمهيد الطريق نحو مؤتمر استثنائي يعيد الشرعية إلى هياكله ويستجيب لمطالب القواعد.
في المقابل، تصرّ أطراف أخرى على أن الأزمة تُستغل من قبل بعض التيارات لتحقيق مكاسب انتخابية مبكرة، فيما يتمسّك جزء من النقابيين بضرورة الحفاظ على وحدة المنظمة مهما كان ثمن الإصلاح.
إنّ هذا الوضع المتأزم يطرح اليوم أسئلة جوهرية حول مستقبل الاتحاد: هل تتجه القيادة نحو الاستقالة وفتح الباب أمام إعادة ترتيب البيت الداخلي؟ أم أنّ الصراع سيتواصل وسط محاولات متبادلة لتسجيل النقاط؟ في الحالتين، تبدو مصداقية الاتحاد على المحك، خاصة وأن دوره التاريخي في التوازنات الاجتماعية والسياسية يجعل أي اهتزاز داخلي ينعكس مباشرة على المشهد الوطني برمّته.
مهما يكن مآل هذه الأزمة، فإن الواضح أن الاتحاد يقف عند مفترق طرق حاسم: فإما تجديدٌ يعيد الثقة للقواعد ويمنح المنظمة نفساً جديداً، وإما استمرار الانقسام بما قد يفتح الباب أمام تراجع دورها أو حتى ظهور تركيبات نقابية موازية.
هاجر واسماء .




